للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجْلِ أن الطعامَ عندَه هو الفديةُ. فيقالُ لقائلِ ذلك: قد علِمْنا أنّ الفديةَ مُقتضيةٌ مُفدِيًا ومُفْدًى به وفديةً، فإنْ كان الطعامُ هو الفديةَ، والصومُ هو المفدَى به، فأين اسمُ فعلِ المفتدِى (١) الذى هو فديةٌ؟ إنّ هذا القولَ بَيِّنٌ خطؤُه غيرُ مُشكلٍ.

وأما "الطعامُ" فإنه مضافٌ إلى "المسكينِ". والقرأةُ في قراءةِ ذلك مختلِفون؛ فقرَأه بعضُهم بتوحيدِ المسكينِ (٢)، بمعنَى: وعلى الذين يُطِيقونه فديةُ طعامِ مسكينٍ واحدٍ لكلِّ يومٍ أَفْطَره.

كما حدَّثنى محمدُ بنُ يزيدَ الرفاعىُّ، قال: حدثنا حسينٌ الجُعْفىُّ، عن أبى عَمرٍو أنه قرَأ: ﴿فِدْيَةٌ﴾ رفعٌ منونٌ، ﴿طَعَامُ﴾ رفعٌ بغير تنوينٍ ﴿مِسْكِينٍ﴾. وقال: عن كلِّ يومٍ مسكينٌ.

وعلى ذلك عُظْمُ قرأةِ أهلِ العراقِ.

وقرَأه آخرون بجمعِ المساكينِ: (فديةُ طعام مساكينَ) (٣). بمعنى: وعلى الذين يُطيقونه فديةُ طعامِ مساكينَ عنِ الشهرِ إذا أفطرَ الشهرَ كلَّه.

كما حدَّثنى أبو هشامٍ محمدُ بنُ يزيدَ الرفاعىُّ، قال: حدثنا يعقوبُ، عن بشارٍ، عن عَمرٍو، عن الحسنِ: طعامُ مساكينَ عنِ الشهرِ كلِّه.

وأَعجبُ القراءتينِ إلىَّ في ذلك قراءةُ مَن قرَأ: ﴿طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾. على الواحدِ، بمعنى: وعلى الذين يُطيقونَه عن كلِّ يومٍ أفطروه فديةٌ طعامُ مسكينٍ؛ لأن في إبانةِ حكمِ المفطرِ يومًا واحدًا وُصُولًا إلى معرفةِ حُكمِ المفطرِ جميعَ الشهرِ، وليس


(١) بعده في م، ت ١، ت ٢: "ومفدى".
(٢) هى قراءة ابن كثير وعاصم وأبى عمرو وحمزة والكسائى. السبعة لابن مجاهد ص ١٧٦.
(٣) هى قراءة نافع وابن عامر. المصدر السابق.