للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ (١).

وقد بينتُ فيما مضَى (٢) أن ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ مرفوعٌ على قولِه: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ هنَّ شهرُ رمضانَ. وجائزٌ أن يكونَ رفعُه بمعنى: ذلك شهرُ رمضانَ. وبمعنى: كُتِبَ عليكم شهرُ رمضانَ.

وقد قرأه بعضُ القرأةِ: (شَهْرَ رمضانَ) نصبًا (٣)، بمعنى: كُتِبَ عليكم الصيامُ أنْ تصوموا شهرَ رمضانَ. وقرَأه بعضُهم نصبًا بمعنى: وأنْ تصوموا شهرَ رمضانَ خيرٌ لكم إن كنتم تعلَمون. وقد يجوزُ أيضًا نصبُه على وجهِ الأمرِ بصومِه، كأنه قيل: شهرَ رمضانَ فصومُوه. وجائزٌ نصبُه على الوقتِ، كأنه قيلَ: كُتِب عليكم الصيامُ في شهرِ رمضانَ.

وأما قولُه: ﴿الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾. فإنه ذُكِر أنه نزَل في ليلةِ القدرِ من اللوحِ المحفوظِ إلى السماءِ الدنيا، في ليلةِ القدرِ من شهرِ رمضانَ، ثم أُنزِل إلى محمدٍ على ما أراد اللهُ إنزالَه إليه.

كما حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا أبو بكرِ بنُ عياشٍ، عن الأعمشِ، عن حسانَ [بنِ أبى الأَشْرَسِ] (٤)، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: أُنزِلَ القرآنُ


(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣١٠ عقب الأثر (١٦٤٨) معلقًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٨٣ إلى المصنف ووكيع. وفى الباب حديث مرفوع بإسناد ضعيف، وقال ابن الجوزي في الموضوعات ٢/ ١٨٧: لم يذكر أحد في أسماء الله تعالى رمضان، ولا يجوز أن يسمى به إجماعا. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي أنه قال: "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة". وينظر سنن البيهقي ٤/ ٢٠٢، والفتح ٤/ ١١٢.
(٢) بعده في الأصل: "من". وتقدم في ص ١٥٩.
(٣) وهى قراءة مجاهد وشهر بن حوشب وهارون الأعور عن أبي عمرو، وأبي عمارة عن حفص عن عاصم. البحر المحيط ٢/ ٣٨.
(٤) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أبي الأشرس".