للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، قال: رأى رسولُ اللهِ رجلًا قد اجْتَمَع الناسُ عليه، وقد ظُلِّلَ عليه، فقالوا: هذا رجلٌ صائمٌ. فقال رسولُ اللهِ : "ليس مِن (١) البِرِّ أن تَصُومُوا في السَّفرِ" (٢).

فمَن بلَغ منه الصومُ ما بلَغ مِن الذى قال له النبيُّ ذلك، فليس مِن البرِّ صومُه؛ لأنَّ اللهَ جلّ ثناؤه قد حرَّم على كلِّ أحدٍ تعريضَ نفْسِه لما فيه هلاكُها، وله إلى نجاتِها سَبِيلٌ، فإنما يُطْلَبُ البِرُّ بما ندَب اللهُ إليه، وحضَّ عليه مِن الأعمالِ، لا بما نهَى عنه.

وأَمَّا الأخبارُ التى رُوِيت عنه مِن قولِه: "الصَّائِمُ في السَّفَرِ كالمُفْطِرِ في الحَضَرِ". فقد يَحْتَمِلُ أن يكونَ قِيل لمن بلَغ منه الصومُ ما بلَغ من هذا الذى ظُلِّل عليه، إن كان قيل (٣) ذلك، وغيرُ جائزٍ أن يُضافَ إلى النَّبِيِّ قيلُ ذلك؛ لأنَّ الأخبارَ التى جاءت بذلك عن رسولِ اللهِ واهيةُ الأسانيدِ لا يجوزُ الاحتجاجُ بها في الدِّينِ.

وإن قال قائلٌ: وكيف عطَف على "المريضِ" -وهو اسمٌ- بقولِه: ﴿أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ و"على" صفةٌ لا اسمٌ؟

قِيل: جاز أن يُنْسَقَ [بـ"على"] (٤) على "المريضِ"؛ لأنَّها في معنى الفعلِ،


(١) سقط من: الأصل.
(٢) أخرجه أحمد ٢٢/ ١٠٣ (١٤١٩٣)، ومسلم (١١١٥)، وغيرهما من طريق محمد بن جعفر به. وأخرجه البخاري (١٩٤٦)، ومسلم (١١١٥)، وغيرهما من طريق شعبة به. وينظر مسند الطيالسى (١٨٢٧).
(٣) في م، ت ١، ت ٢: "قبل".
(٤) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "فعلا".