للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني بـ "إزارُها" نفسَها، وبذلك كان الربيعُ يقولُ.

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ سعدٍ، قال: ثنا أبو جعفرٍ، عن الربيع: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾. يقولُ: هنَّ لحافٌ لكم، وأنتم لحافٌ لهنَّ (١).

والوجهُ الآخَرُ: أن يكونَ جُعِل كلُّ واحدٍ منهما لصاحبِه لباسًا؛ لأنه سكَنٌ له، كما قال جلَّ ثناؤه: ﴿جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا﴾ [الفرقان: ٤٧]. يعني بذلك: سكنًا تسكُنون فيه. وكذلك زوجةُ الرجلِ سَكَنُه، يَسْكُنُ إليها، كما قال تعالى ذكرُه:

﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ [الأعراف: ١٨٩]. فيكونَ كلُّ واحدٍ منهما لباسًا لصاحبِه، بمعنى سكونِه إليه. وبذلك كان مجاهدٌ وغيرُه يقولون في ذلك.

وقد يُقالُ لِما ستَر الشيْءَ وواراه عن أبصارِ الناظِرِين إليه: هو لباسُه وغشاؤُه.

فجائزٌ أن يكونَ قيلَ: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾. بمعنى أن كلَّ واحدٍ منكم سِتْرٌ لصاحبِه فيما يكونُ بينَكم مِن الجماعِ عن أبصارِ سائرِ الناسِ.

وكان مجاهدٌ وغيرُه يقولون في ذلك بما حدَّثني به المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذَيْفَةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ يقولُ: سَكَنٌ لهنَّ (٢).

حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾. قال قتادةُ: هنَّ سَكَنٌ لكم، وأنتم سَكَنٌ لهنَّ (٢).

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمَّادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (١٦٧٦)، من طريق أبي جعفر به.
(٢) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣١٦، عقب الأثر (١٦٧٥) معلقًا.