للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيخٌ كبيرٌ وهو صائمٌ، فلم يُهَيِّئوا له طعامًا، فوضَع رأسَه فأَغْفَى، وجاءته امرأتُه بطعامِه، فقالت له: كُلْ. فقال: إني قد نمتُ. قالت: إنك لم تَنَمْ. فأصبَح جائعًا مجهودًا، فأنزَل اللهُ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ (١).

فأمَّا المبُاشرةُ في كلامِ العربِ، فإنه مُلاقاةُ بَشَرَةٍ ببَشَرَةٍ، وَبَشَرَةُ الرجلِ: جلدتُه الظاهرةُ. وإنما كنَى اللهُ بقولِه: ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾ عن الجماعِ، يقولُ: فالآن إذ أحْلَلتُ لكم الرَّفَثَ إلى نسائِكم، فجامِعوهنَّ في ليالي شهرِ رمضانَ حتى يَطْلُعَ الفجرُ. وهو تَبَيُّنُ الخيطِ الأبيضِ مِن الخيطِ الأسودِ مِن الفجرِ.

وبالذى قُلْنا في المباشرةِ قال جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا سفيانُ، وحدَّثنا عبدُ الحميدِ بنُ بَيانٍ (٢)، قال: ثنا إسحاقُ، عن سفيانَ، وحدَّثني محمدُ بنُ عبدِ اللهِ ابنِ عبدِ الحكمِ، قال: ثنا أيوبُ بنُ سُوَيْدٍ، عن سفيانَ، عن عاصمٍ، عن بكرِ بنِ عبدِ اللهِ المُزَنيِّ، عن ابنِ عباسٍ، قال: المباشرةُ الجماعُ، ولكنَّ اللهَ كريمٌ يَكْنِى (٣).

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن عاصمٍ، عن بكرِ بنِ عبدِ اللهِ المُزَنيِّ، عن ابنِ عباسٍ نحوَه.


(١) ذكره الحافظ في الإصابة ٣/ ٤٢٥ عن المصنف.
(٢) في م: "سنان"، وفي ت ١، ت ٣: "تبان". وينظر تهذيب الكمال ١٦/ ٤١٣.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣١٧ (١٦٨١) من طريق سفيان به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٩٨ إلى ابن المنذر.