للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال قائلٌ: فما وجهُ وصالِ من واصَل، فقد علِمتَ بما حدَّثكم به أبو السائبِ، قال: ثنا حفصٌ، عن هشامِ بنِ عروةَ، قال: كان عبدُ اللهِ بنُ الزبيرِ يواصِلُ سبعةَ أيامٍ، فلمَّا كبِر جعَلها خمسًا، فلما كبِر جدًّا جعَلها ثلاثًا (١).

حدَّثنا أبو السائبِ، قال: ثنا حفصٌ، عن عبدِ الملكِ، قال: كان ابنُ أبي يَعمَرَ يُفْطِرُ في كلِّ شهرٍ مرةً.

حدَّثنا ابنُ أبي بكرٍ المقدَّميُّ، قال: ثنا الفَرْويُّ، قال: سمِعتُ مالكًا يقولُ: كان عامرُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ الزبيرِ يواصلُ ليلةَ ستَّ عشْرةَ وليلةَ سبْعَ عشْرةَ من رمضانَ لا يُفطِرُ بينهما، فلَقِيتُه فقلتُ له: يا أبا الحارثِ ماذا تجِدُه يُقوِّيك في وصالِك؟ قال: السمنُ أشرَبُه أجِده يَبُلُّ عروقِي، فأمَّا الماءُ فإنه يخرُجُ من جسدِي.

وما أشبهَ ذلك ممن فعَل ذلك، ممن يطولُ بذكرِهم الكتابُ؟

قيلَ: وجهُ من فعَل ذلك إن شاء اللهُ تعالى، على طلبِ الخُموصةِ (٢) لنفسِه والقوَّةِ، لا على طلبِ البِرِّ للهِ بفعلِه، وفِعْلُهم ذلك نظيرُ ما كان عمرُ بنُ الخطابِ يأمرُهم به بقولِه: اخْشَوْشِنوا وتمَعْدَدوا (٣)، وانْزُوا على الخيلِ نَزْوًا، واقطعوا


= حميد. وفي إسناد ابن أبي شيبة: "قدامة" بدلا من قتادة.
(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٨/ ١٧٥ - ١٧٧ من طريقين عن ابن الزبير وفيه ذكر مواصلته سبعة أيام فقط دون باقي الأثر.
(٢) في ت ٢: "الحموصة". قال الشيخ شاكر: الخموصة مصدر خمص بطنه خمصا، بسكون الميم وفتحها، وخماصة. ولم يذكروا الخموصة في كتب اللغة، وهو عربي عريق. وخمص بطنه: ضَمَر. التاج (خ م ص).
(٣) التمعدد: الصبر على عيش معد بن عدنان، والتشبه بهم في خشونة لباسهم وتقشفهم وغلظ معاشهم. التاج (م ع د).