للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثناؤُه أرْسَله إلى قومٍ، فإنما أرْسَله بلسانِ مَن أرْسَله إليه، وكلَّ كتابٍ أنْزَله على نبيٍّ، ورسالةٍ أرْسَلَها إلى أُمَّةٍ، فإنما أنْزَلَه بلسانِ مَن أنْزَلَه أو أرْسَله إليه. فاتَّضَح بما قلْنا ووصَفْنا أنَّ كتابَ اللَّهِ الذي أنْزَله إلى نبيِّنا محمدٍ [بلسانِ محمدٍ ، وإذْ كان لسانُ محمدٍ ] (١) عربيًّا، فبَيِّنٌ أن القرآنَ عربيٌّ، وبذلك أيضًا نطَق مُحْكَمُ تنزيلِ ربِّنا، فقال جل ذكرُه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف: ٢]. وقال: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥]. وإذْ كانت واضحةً صحةُ ما قلْنا - بما عليه اسْتَشْهَدْنا مِن الشَّواهدِ، ودلَّلْنا عليه مِن الدَّلائلِ - فالواجبُ أن تكونَ معاني كتابِ اللَّهِ المُنَزَّلِ على نبيِّنا محمدٍ ، لمعاني كلامِ العربِ موافقةً، وظاهرُه لظاهرِ كلامِها ملائمًا، وإن بايَنه كتابُ اللَّهِ بالفَضيلةِ (٢) التي فضَل بها سائرَ الكلامِ والبَيانِ، بما قد تقَدَّم وَصْفُناه (٣).

فإذْ كان ذلك كذلك، فبَيِّنٌ - إذ كان موجودًا في كلامِ العربِ الإيجازُ والاخْتِصارُ، والاجْتِزاءُ (٤) بالإخْفاءِ مِن الإظْهارِ، وبالقلةِ مِن الإكْثارِ في بعضِ الأحوالِ، واسْتِعْمالُ الإطالةِ والإكْثارِ، والتَّرْدادِ والتَّكْرارِ، وإظهارُ المعاني بالأسماءِ دونَ الكِنايةِ عنها (٥)، والإسرارُ في بعضِ الأوقاتِ، والخبرُ عن الخاصِّ في المرادِ بالعامِّ الظاهرِ، وعن العامِّ في المرادِ بالخاصِّ الظاهرِ، وعن الكِنايةِ والمرادُ منه المُصَرَّحُ، وعن


(١) سقط من: ص.
(٢) في ص: "بالفضلة".
(٣) في م، ت ٢: "وصفنا".
(٤) في ص: "الإجزاء".
(٥) زيادة من: م.