للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبوابِها، فنزَلت: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ﴾ الآية (١).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلَى، قال: ثنا المعتمرُ بنُ سليمانَ، قال: سمعتُ داودَ، عن قيسِ بنِ جُبَيْرٍ (٢) أنّ الناسَ كانوا إذا أحْرَمُوا لم يدخُلوا حائطًا من بابِه ولا دارًا من بابِها أو بيتًا، فدخَل رسولُ اللهِ وأصحابُه دارًا، وكان رجلٌ من الأنصارِ يقالُ له: رفاعةُ بنُ تابوتٍ. فجاء فتسوَّرَ الحائطَ، ثمَّ دخَل على رسولِ اللهِ ، فلمَّا خرَج من بابِ الدارِ - أو قال: بابِ البيتِ - خرَج معه رِفاعةُ. قال: فقال رسولُ اللهِ : "ما حَمَلك على ذلك"؟ قال: يا رسولَ اللهِ، رأيتُك خرَجتَ منه فخرَجتُ منه. فقال رسولُ اللهِ : " إنِّي رَجلٌ أحْمَسُ (٣) ". فقال: إن تكنْ رجلًا أحْمسَ، فإنّ دِينَنا واحدٌ. فأنزل اللهُ: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾ (٤).


(١) أخرجه البخاري (٤٥١٢)، وابن حبان (٣٩٤٧) من طريق إسرائيل به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٠٤ إلى وكيع.
(٢) كذا في النسخ، وأسد الغابة ٢/ ٢٤٤، وقال ابن الأثير عن أبي موسى: كذا قال: قيس بن جبير، بالجيم. قال: ولا أدرى هو قيس بن حبتر أم غيره. والصواب: حبتر. ينظر الإكمال ٢/ ٢٣، وتهذيب الكمال ٢٤/ ١٧.
(٣) ينظر معنى الحمس في ص ٥١١ وما بعدها.
(٤) أخرجه ابن بشكوال في المبهمات - كما في التعليق على المستفاد للعراقي ١/ ٦٣٤ - من طريق محمد بن عبد الأعلى به. وأخرجه عبد بن حميد - كما في الفتح ٣/ ٦٢١ - من طريق داود به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٠٤ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر. واختلف في من نزلت فيه هذه الآية، فقيل: قطبة بن عامر. أخرجه ابن خزيمة، وابن أبي حاتم، والحاكم عن جابر. وذكره الحافظ والخلاف في إسناده، وذكر رواية قيس بن حبتر، وقال: هذا مرسل، والذي قبله - يعني حديث جابر - أقوى إسنادًا، فيجوز أن يحمل على التعدد في القصة، إلا أن في هذا المرسل نظرا من وجه آخر؛ لأن رفاعة بن تابوت معدود في المنافقين، وهو الذي هبت الريح العظيمة لموته، كما وقع مبهما في صحيح مسلم، ومفسرا في غيره من حديث جابر، فإن لم يحمل على أنهما رجلان توافق اسمهما واسم أبويهما، وإلا فكونه =