للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

، فقضَى حاجتَه منها، وأتمَّ عُمرتَه، وأقامَ بها ثلاثًا، ثم خرَج منها مُنصرِفًا إلى المدينةِ، فقال اللهُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه وللمسلمين معه: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ﴾ يعْني ذا القَعدةِ الذي أوْصلَكم اللهُ فيهِ إلى حرمِه وبيتِه على كراهةِ مُشركِي قُرَيْشٍ ذلك حتى قَضَيْتم منه وطرَكم، ﴿بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾ الذي صدَّكم مُشركو قُريشٍ العامَ الماضي قبلَه فيه، حتى انصرفتُم على كُرْهٍ منكم عن الحرمِ، فلم تدْخُلوه ولم تَصِلُوا إلى بيتِ اللهِ، فأقَصَّكُم اللهُ أيُّها المؤمنون مِن المشركين بإدخالِكم الحرمَ في الشهرِ الحرامِ على كُرْهٍ منهم لذلك، بما كان منهم إليكم في الشهرِ الحرامِ من الصَّدِّ والمنعِ من الوصولِ إلى البيتِ.

كما حدَّثني محمد بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَزِيعٍ، قال: ثنا يوسفُ، يعني ابنَ خالدٍ السَّمْتيَّ (١)، قال: ثنا نافعُ بنُ مالكٍ، عن عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ﴾. قال: هم المشركونَ، حَبَسُوا محمدًا في ذي القَعدةِ، فرجَعة اللهُ في ذي القَعدةِ، فأَدخلَه البيتَ الحرامَ، فاقتصَّ له منهم (٢).

حدَّثني محمدُ بن عَمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ﴾.

قال: فَخَرَت قريشٌ بردِّها رسولَ اللهِ يومَ الحُديبيةِ محرِمًا في ذي القَعدةِ عن البلدِ الحرامِ، فأدخلَه اللهُ مكةَ في العامِ المقبلِ في ذي القَعدةِ، فقضَى عُمرَته، وأقَصَّه بما حِيلَ بينَه وبينَه (٣) يومَ الحُدَيبيةِ (٤).


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "السهمي".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٠٦ إلى المصنف نحوه. والسمتي ضعيف جدًّا. وينظر تفسير ابن كثير ١/ ٣٣٠.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بينها".
(٤) تفسير مجاهد ص ٢٢٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٠٦ إلى عبد بن حميد.