للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نفَقَةٍ فإمّا يُقْطَعُ بهم، وإمّا كانوا عيالًا، فأمَرهم اللهُ أن يَستَنْفِقُوا مما رزَقهم اللهُ ولا يُلْقوا بأيدِيهم إلى التَّهْلُكَةِ؛ [والتَّهْلُكَةُ] (١): أن يَهْلِكَ رجالٌ مِن الجُوعِ والعَطَشِ، أو مِن المشي، وقال لمن بيدِه فضلٌ: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾] (٢).

وقال آخرون: بل معناه: أنْفِقوا في سبيلِ اللهِ، ولا تُلْقُوا بأيدِيكم فيما أصَبْتُم مِن الآثامِ إلى التَّهْلُكَةِ، فتَأيسُوا مِن رحمةِ اللهِ، ولكنِ ارْجُوا رحمتَه، واعمَلوا الخيراتِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عبيدٍ المحُاربِيُّ، قال: ثنا أبو الأحْوَصِ، عن أبي إسحاقَ، عن البرَاءِ بنِ عازِبٍ في قولِه: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾. قال: هو الرجلُ يصيبُ الذنوبَ فيُلْقِي بيدِه إلى التَّهْلُكةِ، يقولُ: لا توبةَ لي (٣).

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا أبو بكرِ بنُ عيّاشٍ، قال: ثنا أبو إسحاقَ، عن البرَاءِ، قال: سأَله رجلٌ: أَحْمِلُ على المشركين وَحْدِي فيَقْتُلوني، أَكنتُ ألقَيْتُ بيَدِي إلى التَّهْلُكةِ؟ فقال: لا، إنما التَّهْلُكةُ في النفقةِ، بعَث اللهُ رسولَه، فقال: ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ﴾ (٤) [النساء: ٨٤].

حدَّثنا الحسنُ بنُ عَرَفةَ وابنُ وَكيعٍ، قالا: ثنا وَكيعُ بنُ الجَرّاحِ، عن سفيانَ


(١) سقط من: الأصل، والمثبت من مصدر التخريج.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. والأثر أخرجه ابن أبي حاتم ١/ ٣٣١ (١٧٤٥) من طريق يونس به.
(٣) أخرجه البيهقي ٩/ ٤٥، وفي الشعب (٧٠٩٤) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٠٨ إلى سفيان بن عيينة والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) أخرجه أحمد ٣٠/ ٤٢٧ (١٨٤٧٧)، وابن مردويه - كما في تفسير ابن كثير ١/ ٣٣٢ - من طريق أبي بكر بن عياش به. وينظر الفتح ٨/ ١٨٥.