للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكأنهم عَنَوا بقولِهم: (وأقيموا الحجَّ والعُمرةَ): ائْتوا بهما بحدودِهما وأحكامِهما على ما فُرِضَ عليكم.

وقال آخرون ممن قرَأ قراءةَ هؤلاءِ بنصبِ العُمرةِ: العُمرةُ تطوُّعٌ. ورأوْا أنه لا دَلالةَ على وُجوبِها في نصبِهم العُمرةَ في القراءةِ، إذ كان مِن الأعمالِ ما قد يَلْزَمُ العبدَ عملُه، وإتمامُه بدخولِه فيه، ولم يَكُنِ ابتداءُ الدخولِ فيه فرضًا عليه، وذلك كالحَجِّ التطوُّعِ، لا خلافَ بين الجميعِ فيه أنه إذا أحرَم به أنَّ عليه المُضِيَّ فيه وإتمامَه، ولم يكنْ فرضًا عليه ابتداءُ الدخولِ فيه. وقالوا: فكذلك العُمرةُ غيرُ فرضٍ واجبٍ الدخولُ فيها ابتداءً، غيرَ أنَّ على مَن دخَل فيها وأوجَبها على نفسِه إتمامَها بعدَ الدخولِ فيها.

قالوا: ليس في أمرِ اللَّهِ بإتمامِ الحجِّ والعمرةِ دَلالةٌ على وجوبِ فرضِهِما (١).

قالوا: وإنما أوجَبنا فَرْضَ الحَجِّ بقولِ اللَّهِ تعالى ذِكرُه: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧].

وممن قال ذلك جماعةٌ مِن الصحابةِ والتابعين ومَن بعدَهم مِن الخالِفين.

ذكرُ بعضِ من قال ذلك

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ وأبو السائبِ، قالا: ثنا ابنُ إدريسَ، قال: سمِعتُ سعيدَ بنَ أبي عَروبةَ، عن أبي مَعْشَرٍ، عن إبراهيمَ، قال: قال عبدُ اللَّهِ: الحجُّ فريضةٌ، والعُمرةُ تطوُّعٌ (٢).


= طريق إسرائيل به. وعزاه السيوطي في الدر ١/ ٢٠٩ إلى عبد بن حميد. وثوير بن أبي فاختة ضعيف.
(١) في م: "فرضها".
(٢) أخرجه عبد الرزاق - كما في التمهيد ٢٠/ ١٨ - وابن أبي شيبة ص ٢٢٠ (الجزء الأول من القسم =