للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلَغه فطاف به وبالصفا والمروةِ، فلا عَملَ يبقى بعدَه يُؤمَرُ بإتمامِه بعدَ ذلك، كما يُؤمَرُ الحاجُّ بعدَ بُلوغِه والطوافِ به وبالصفا والمروةِ بإتيانِ عرفةَ والمُزدَلِفةِ، والوقوفِ بالمواضعِ التي أُمِر بالوقوفِ بها، وعَمَلِ سائِرِ أعمالِ الحجِّ الذي هو مِن تمامِه بعدَ إتيانِ البيتِ - لم يكنْ لِقولِ القائلِ للمعتمرِ: أَتِمَّ عُمرتَك. وجهٌ مفهومٌ. قالوا (١): وإذا لم يَكُنْ له وَجْهٌ مفهومٌ، فالصوابُ مِن القراءةِ في "العُمرةِ" بالرفعِ على أنها (٢) من أعمالِ البرِّ للَّهِ، فتكونُ مَرفوعةً بخبرِها الذي بعدَها، وهو قولُه: ﴿لِلَّهِ﴾.

وأَوْلى القِراءَتين بالصوابِ في ذلك عندَنا قراءةُ مَن قرَأ بنصبِ "العُمرةِ" على العطفِ بها على "الحجِّ"، بمعنى الأمرِ [بإتْمامِها للَّهِ] (٣)، ولا معنى لاعتلالِ من اعتَلَّ في رفعِها بأنَّ العمرةَ زيارةُ البيتِ، وأن (٤) المُعْتَمِرَ متى بلَغه فلا عمَل بقِي عليه يؤمَرُ بإتمامِه؛ وذلك أنه إذا بلَغ البيتَ، فقد انْقَضَتْ زيارتُه وبقِي عليه تمامُ العمَلِ الذي أمَره اللَّهُ به في اعتمارِه وزيارتِه البيتَ، وذلك هو الطوافُ بالبيتِ، والسعيُ بينَ الصفا والمروةِ، وتَجَنُّبُ ما أمَر اللَّهُ بتَجَنُّبِه إلى إتمامِه ذلك. وذلك عمَلٌ - وإن كان مما لزِمه بإيجابِه (٥) الزيارةَ على نفسِه - غيرُ الزيارةِ. هذا، مع إجماعِ الحجةِ على قراءةِ "العمرةِ" بالنصبِ، ومخالفةِ جمبعِ قرأةِ الأمصارِ قراءةَ مَن قرَأ ذلك بالرفعِ، ففي ذلك مُسْتَغْنًى عن الاستشهادِ على خطإِ قِراءةِ (٦) مَن قرَأ ذلك رفعًا.


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أنه".
(٣) في م: "بإتمامهما له".
(٤) في م: "فإن".
(٥) في م، ت ٢: "بإيجاب".
(٦) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.