للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَبَطيٌّ لا عربيٌّ، بعضَه [روميٌّ لا عربيٌّ] (١)، وبعضَه حَبَشيٌّ لا عربيٌّ، بعدَ ما أخْبَر اللَّهُ تعالى ذكرُه عنه أنه جعَله قرآنًا عربيًّا؛ لأن ذلك إن كان كذلك، فليس قولُ القائلِ: القرآنُ حبشيٌّ أو فارسيٌّ. ولا نسبةُ مَن نسَبه إلى بعضِ ألسنِ الأممِ التي بعضُه بلسانِها دونَ العربِ، بأولى بالتَّطْويلِ (٢) مِن قولِ القائلِ: هو عربيٌّ. ولا قولُ القائلِ: هو عربيٌّ. بأولى بالصحةِ والصوابِ مِن قولِ ناسِبِه إلى بعضِ الأجناسِ التي ذكَرْنا، إذ كان الذي بلسانِ غيرِ العربِ مِن سائرِ ألسنِ أجناسِ الأممِ فيه، نَظيرَ الذي فيه مِن لسانِ العربِ.

وإذْ كان ذلك كذلك، فبَيِّنٌ إذن خطأُ قولِ مَن عَم أن القائلَ مِن السلفِ: في القرآنِ مِن كلِّ لسانٍ. إنما عنَى بقِيلِه ذلك أن فيه مِن البيانِ ما ليس بعربيٍّ، ولا جائزةً نسبتُه (٣) إلى لسانِ العربِ.

ويقالُ لمَن أبَى ما قلْنا - ممَّن زعَم أن الأحرفَ التي قدَّمْنا ذكرَها في أولِ البابِ وما أشْبَهَها، إنما هي كلامُ أجناسٍ من (٤) الأممِ سوى العربِ، وقَعَت إلي العربِ فعرَّبَتْه (٥) -: ما برهانُك على صحةِ ما قلتَ في ذلك مِن الوجهِ الذي يَجِبُ التسليمُ له، فقد علِمْتَ مَن خالَفك في ذلك، فقال فيه خلافَ قولِك؟ وما الفرقُ بينَك وبينَ مَن عارَضك في ذلك، فقال: هذه الأحرفُ وما أشبهَها مِن الأحرفِ غيرِها


(١) في النسخ: "عربي لا فارسي"، وهو خطأ لا يستقيم معه المعنى، والمثبت من تحقيق الشيخ شاكر.
(٢) في ر: "بالبطول"، وفي م، ت ١: "بالتطول"، وفي ت ٢: "بالقول". والمراد االإطالة والتزيد في الكلام.
(٣) في ر، ت ١: "بسببه".
(٤) سقط من: م، ت ٢.
(٥) بعده في م: "و".