للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾. فقال: إنَّ كعبَ بنَ عُجْرةَ مرَّ بالنبيِّ وبرأسِه مِن الصِّئْبانِ (١) والقَمْلِ كثيرٌ، فقال له النبيُّ : "هل عندَك شاةٌ؟ ". فقال كعبٌ: ما أجدُها. فقال له النبيُّ : "إن شِئْتَ فأَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكينَ، وإن شِئْتَ فصُمْ ثلاثةَ أيامٍ، ثم احْلِقْ رأسَك" (٢).

فأما المرضُ الذي أُبِيحَ له معه العلاجُ بالطِّيبِ وحَلْقِ الرأسِ، فكلُّ مرضٍ كان صلاحُه بحَلْقِه؛ كالبِرْسامِ (٣) الذي يكونُ من صلاحِ صاحبِه حلقُ رأسِه، وما أشبهَ ذلك، والجِراحاتِ التي تكونُ بجسَدِ الإنسانِ، التي يُحتاجُ معها إلى العلاجِ بالدواءِ الذي فيه الطِّيبُ، ونحوِ ذلك من القروحِ والعِلَلِ العارِضَةِ للأبدانِ.

وأما الأذَى الذي يكونُ - إذا كان برأسِ الإنسانِ خاصةً - له حَلْقُه، فنحوُ الصُّداعِ والشَّقيقةِ (٤)، وما أشبهَ ذلك، وأن يكثُرَ صِئبانُ الرأسِ، وكلِّ ما كان للرأسِ مُؤذيًا، مما في حَلْقِه صلاحُه، ودفْعُ المضرَّةِ الحالَّةِ به، فيكونُ ذلك له بعمومِ قولِ اللَّهِ: ﴿أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ﴾. وقد تَظاهرتِ الأخبارُ عن رسولِ اللَّهِ أنّ هذه الآيةَ نزَلَتْ عليه بسببِ كعبِ بنِ عُجْرةَ، إذْ شَكَا كثْرةَ أذًى برأسِه من صِئْبانِه، وذلك عامَ الحُدَيبيةِ.

ذِكرُ الأخبارِ التي ذُكِرت (٥) في ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الملكِ بنِ أبي الشَّواربِ وحُميدُ بنُ مَسْعدةَ، قالا: ثنا يزيدُ


(١) الصئبان: بيض القمل. التاج (ص أ ب).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير ١٩/ ١٥٧ (٣٤٩) من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي، عن عطاء به بنحوه.
(٣) تقدم تعريف البرسام في ص ١٩٨، ١٩٩.
(٤) الشقيقة: وجع يأخذ نصف الرأس والوجه. التاج (ش ق ق).
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "رويت".