للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كان النحرُ لم يكنْ له لازمًا قبلَ ذلك، وإنما لزِمَه يومَ النحرِ، فإنما لَزِمَه الصومُ يومَ النحرِ، وذلك حينَ عَدِمَ الهدْيَ فلم يجِدْه، فوجَب عليه الصومُ. قالوا: وإذا كان (١) كذلك، فالصومُ إنما يلزَمُه أولُه في اليومِ الذي يلي يومَ النحرِ، وذلك أن النحرَ إنما كان لزِمَه من بعدِ طلوعِ الفجرِ، ومن ذلك الوقتِ إذا لم يجِدْه يكونُ له الصومُ. قالوا: وإذا طلَعَ فجرُ يومٍ ولم يلزَمْه صومُه قبلَ ذلك - إذ كان الصومُ لا يكونُ في بعضِ نهارِ يومٍ في واجبٍ - عُلِمَ أن الواجبَ عليه من (٢) الصومِ، من اليومِ الذي يَليه إلى انقضاءِ الأيامِ الثلاثةِ بعدَ يومِ النحرِ من أيامِ التشريقِ. قالوا: ولا معنى لقولِ القائلِ: إنَّ أيامَ مِنًى ليستْ من أيامِ الحجِّ؛ لأنهنّ يُنسَكُ فيهنَّ بالرميِ والعكوفِ على عَملِ الحجِّ، كما يُنسَكُ غيرُ ذلك من أعمالِ الحجِّ في الأيامِ قبلَها.

قالوا: وهذا مع شهادةِ الخبرِ الذي حدَّثني به محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ عبدِ الحكمِ المصريُّ، قال: ثنا يحيى بنُ سلَّامٍ، أن شعبةَ حدَّثه عن ابنِ أبي ليلَى، عن الزهريِّ، عن سالمِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ، عن أبيه، قال: رَخَّصَ رسولُ اللَّهِ ﷺ للمتمتِّع إذا لم يجِدِ الهدْيَ ولم يَصُمْ حتى فاتَته أيامُ العشرِ، أن يَصومَ أيامَ التشريقِ مكانَها (٣). بصحةِ ما قلنا في ذلك من القولِ، وخطإِ قولِ مَن خالفَ قولَنا فيه.

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: حدَّثنا هُشيمٌ، عن سفيانَ بنِ حُسينٍ، عن الزهريِّ، قال: بعَث رسولُ اللَّهِ ﷺ عبدَ اللَّهِ بنَ حُذافةَ بنِ قيسٍ، فنادَى في أيامِ التشريقِ، فقال: "إنَّ هذه أيامُ أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكرِ اللَّهِ، إلَّا مَن كان عليه صومٌ من


(١) بعده في م: "ذلك".
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢.
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح المعاني ٢/ ٢٤٣، والدارقطني ٢/ ١٨٦، والبيهقي ٥/ ٢٥ من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم به. وقال الدارقطني: يحيى بن سلام ليس بالقوي.