للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصوابُ من القولِ في ذلك عندي أن للمتمتِّعِ أن يصومَ الأيامَ الثلاثةَ التي أوجَبَ اللَّهُ عليه صومَهنَّ لمتعتِه إذا لم يَجِدْ ما استيسرَ من الهدْيِ، من أولِ إحرامِه بالحجِّ بعدَ قضاءِ عمرتِه واستمتاعِه بالإحلالِ إلى حجِّه، إلى انقضاءِ آخرِ عملِ حجِّه، وذلك (١) انقضاءُ أيامِ مِنًى سوَى يومِ النحرِ، فإنه غيرُ جائزٍ له صومُه، ابتدَأَ صومَهُنَّ قبلَه، أو ترَكَ صومَهنَّ فأخَّره (٢) حتى انقضاءِ يومِ عرفةَ.

وإنما قلنا: له صومُ أيامِ التشريقِ؛ لما ذكَرنا من العلَّةِ لقائلي (٣) ذلك قبلُ (٤). فإن صامَهنّ قبلَ إحرامِه بالحجِّ، فإنه غيرُ مُجزِئٍ صومُه ذلك من الواجبِ عليه، من الصومِ الذي فرَضه اللَّهُ عليه لمتعتِه، وذلك أنَّ اللَّهَ جلَّ ثناؤُه إنما أوجَبَ الصومَ على من لم يجِدْ هدْيًا، ممن استمتَعَ بعمرتِه إلى حجِّه، فالمعتمرُ قبلَ إحلالِه من عُمرتِه وقبلَ دخولِه في حَجِّه غيرُ مُستحقٍّ اسمَ متمتعٍ بعمرتِه (٥) إلى حجِّه، وإنما يُقالُ له قبلَ إحرامِه: معتمِرٌ. حتى يدخُلَ بعدَ إحلالِه في الحجِّ قبلَ شُخوصِه عن مكةَ، فإذا دخَل في الحجِّ محرِمًا به بعدَ قضاءِ عُمرتِه في أشهرِ الحجِّ ومُقامِه بمكةَ بعدَ قضاءِ عُمرتِه حَلالًا حتى يَحُجَّ (٦) من عامِه، سُمِّي مُتمتِّعًا، فإذا استحَق اسمَ مُتمتِّعٍ لزِمه الهدْيُ، وحينئذٍ يكونُ له الصومُ بِعدَمِه الهدْيَ إن عدِمَه فلم يجِدْه. فأمَّا إن صامه قبلَ دخولِه في الحجِّ، وإن كان من نيتِه الحجُّ، فإنما هو رجلٌ صام صومًا ينوي به قضاءً عما عسَى أن


(١) بعده في م: "بعد".
(٢) في الأصل: "وأخَّر".
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لقائل".
(٤) في م: "قيل".
(٥) في الأصل: "بعمرة".
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "حج".