للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسلمٍ، عن طارقِ بنِ شهابٍ، قال: سألتُ ابنَ مسعودٍ عن امرأةٍ منا أرادت أن تجمَعَ مع حَجِّها عمرةً، فقال: أسمَعُ اللَّهَ يقولُ: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾. ما أراها إلا أشهرَ الحَجِّ (١).

حدَّثني أحمدُ بنُ المِقْدامِ، قال: ثنا حَزْمٌ (٢) القُطَعِيُّ، قال: سمِعتُ محمدَ بنَ سيرينَ يقولُ: ما أحدٌ من أهلِ العلمِ شكَّ (٣) أن عمرةً في غيرِ أشهرِ الحجِّ أفضلُ من عمرةٍ في أشهرِ الحجِّ (٤).

ونظائرُ ذلك مما يطولُ باستيعابِ ذكرِه الكتابُ، مما يدُلُّ على أن معنى قِيلِ مَن قال: وقتُ الحجِّ ثلاثةُ أشهرٍ كواملَ. أنهنَّ من غيرِ شهورِ العمرةِ، وأنهنّ شهورٌ لعملِ الحجِّ دونَ عملِ العمرةِ، وإن كان عملُ الحجِّ إنما يُعمَلُ في بعضِهنَّ لا في جميعِهنَّ.

وأمَّا الذين قالوا: تأويلُ ذلك: شوالٌ، وذو القَعدةِ، وعشرُ ذي الحِجةِ. فإنهم قالوا: إنما قصَد اللَّهُ جل ثناؤُه بقولِه: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾. إلى تعريفِ خلقِه ميقاتَ حجِّهم، لا الخبرَ عن وقتِ العمرةِ.

قالوا: فأما العمرةُ، فإن السَّنةَ كلَّها وقتٌ لها؛ لتَظاهُرِ الأخبارِ عن رسولِ اللَّهِ أنه اعتمَرَ في بعضِ شهورِ الحجِّ، ثم لم يصِحَّ عنه بخلافِ ذلك خبرٌ.

قالوا: فإذ كان ذلك كذلك، وكان عملُ الحجِّ ينقضي وقتُه بانقضاءِ العاشرِ مِن أيامِ ذي الحِجةِ، عُلِم أن معنى قولِه: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾. إنما هو: ميقاتُ الحجِّ شهران وبعضُ الثالثِ.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ص ١٢٩ (القسم الأول من الجزء الرابع).
(٢) في م: "حزام".
(٣) في الأصل: "يشك".
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ص ١٢٩ (القسم الأول من الجزء الرابع) من طريق آخر عن ابن سيرين بنحوه.