للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: الفسوقُ التَّنابُزُ بالألقابِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن حسينِ بنِ عُقَيلٍ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿وَلَا فُسُوقَ﴾. قال: الفسوقُ التنابزُ بالألقابِ (١).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا حسينُ بنُ عُقَيلٍ، قال: سمِعتُ الضحاكَ بنَ مُزاحمٍ يقولُ. فذكَر مثلَه.

وأولى الأقوالِ التي ذكَرنا بتأويلِ الآيةِ في ذلك قولُ من قال: معنى قولِه: ﴿وَلَا فُسُوقَ﴾: النهيُ عن معصيةِ اللَّهِ في إصابةِ الصيدِ، وفعلِ ما نهَى اللَّهُ المُحرِمَ عن فعلِه في حالِ إحرامِه؛ وذلك أن اللَّهَ قال: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ﴾. يعني بذلك: فلا يَرفُثْ، ولا يَفْسُقْ، أي: لا يفعلْ ما نهاه اللَّهُ عنه (٢)، ولا يخرجْ عن طاعةِ اللَّهِ في إحرامِه. وقد علِمنا أن اللَّهَ قد حرَّم معاصيَه على كلِّ أحدٍ، مُحْرِمًا كان أو غيرَ مُحْرِمٍ، وكذلك حرَّم التنابُزَ بالألقابِ في حالِ الإحرامِ وغيرِها بقولِه: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ [الحجرات: ١١]. وحرَّم على المسلمِ سِبابَ أخيه في كلِّ حالٍ، فرَضَ الحجَّ أو لم يفرِضْه.

فإذ كان ذلك كذلك، فلا شكَّ أن الذي نهَى اللَّهُ عنه العبدَ من الفسوقِ في حالِ إحرامِه وفَرْضِه الحجَّ، هو ما لم يكنْ فسوقًا في حالِ إحلالِه، وقبلَ إحرامِه بحجِّه، كما أن الرفَثَ الذي نهاه عنه في حالِ فَرْضِه الحجَّ، هو الذي كان له مطلقًا


(١) سقط من: م.
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٤٧ (١٨٢٨) من طريق وكيع به.
(٢) في م: "عن فعله في حال إحرامه".