للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبمثلِ الذي قلنا في معنى المناسكِ في هذا الموضعِ قال مجاهدٌ.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: حدثني أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ﴾. قال: إِهْراقَةُ الدِّماءِ (١).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذَيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

وأما قولُه: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾. فإن أهلَ التأويلِ اختَلفوا في صفةِ ذكْرِ القومِ آباءَهم الذين أَمَرهم اللَّهُ أن يجعَلوا ذكْرَهم إياه كذكرِهم إياهم (٢) أو أشدَّ ذكرًا؛ فقال بعضُهم: كان القومُ في جاهليتِهم بعدَ فراغِهم من حَجِّهم ومناسكِهم يجتَمعون فيتَفاخَرون بمآثرِ آبائِهم، فأمَرهم اللَّهُ في الإسلامِ أن يكونَ ذكْرُهم بالثناءِ والشكرِ والتعظيمِ لربِّهم دونَ غيرِه، وأن يُلْزِموا أنفسَهم من الإكثارِ من ذكرِه نظيرَ ما كانوا ألزَموا أنفسَهم في جاهليتِهم من ذكرِ آبائِهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا تميمُ بنُ المُنْتصِرِ، قال: أخبرنا إسحاقُ بنُ يوسفَ، عن القاسمِ بنِ عثمانَ، عن أنسٍ في هذه الآيةِ، قال: كانوا يذكُرون آباءَهم في الحَجِّ، فيقولُ بعضُهم: كان أبي يُطْعِمُ الطعامَ. ويقولُ بعضُهم: كان أبي يَضرِبُ بالسيفِ. ويقولُ بعضهم: كان أبي جَزَّ نواصِيَ بني فلانٍ (٣).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٥٥ (١٨٦٧) من طريق ورقاء، عن ابن أبي نجيح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٣٢ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "آباءهم".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٣٢ إلى الفاكهي.