للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبيلِه، وابتاع به أنفسَهم بقولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ [التوبة: ١١١]

وقد دلَّلْنا على أن معنى "شرَى": "باع"، في غيرِ هذا الموضعِ بما أغنَى عن إعادتِه (١).

وأمَّا قولُه: ﴿ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ﴾. فإنه يعني أن هذا الشاريَ يَشْرِي إذا شرَى، طلَبَ مرضاةِ اللَّهِ. ونُصِب قولُه: ﴿ابْتِغَاءَ﴾ بقولِه: ﴿يَشْرِي﴾. كأنه قال: ومِن الناسِ مَن يَشْرِي مِن أجلِ ابتغاءِ مرضاةِ اللَّهِ. ثم ترَك "من أجلِ" وعمِل فيه الفعلُ.

وقد زَعم بعضُ أهلِ العربيةِ أنه نصَب ذلك على الفعلِ (٢) على ﴿يَشْرِي﴾. كأنه قال: لابتغاءِ مرضاةِ اللَّهِ. فلمَّا نزَع اللامَ عمِل الفعلُ. قال: ومثلُه: ﴿حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ [البقرة: ١٩]. قال: وقال الشاعرُ وهو حاتمٌ (٣):

وأَغْفِرُ عَوْرَاءَ الكَرِيمِ ادِّخَارَهُ … وَأُعْرِضُ عَنْ قَوْلِ اللَّئِيمِ تَكَرُّما

وقال: لمَّا أذْهَب اللامَ أعْمَل فيه الفعلَ.

وقال بعضُهم: [إنما ذلك] (٤) مصدرٌ وُضِع موضعَ الشرطِ وموضعَ "أن"، فيَحْسُنُ فيها الباءُ واللامُ، فيقولُ: أتيتُك مِن خوفِ الشرِّ، ولخوفِ الشرِّ، وبأن خِفتُ الشرَّ. فالصفةُ غيرُ معلومةٍ، فحُذِفت وأقِيمَ المصدرُ مُقامَها. قال: ولو كانت الصفةُ حرفًا واحدًا بعينِه لم يَجُزْ حذفُها، كما غيرُ جائزٍ لمَن قال: فعلتُ هذا لك


(١) ينظر ما تقدم في ٢/ ٢٤٦، ٢٤٧.
(٢) أي: على أنه مفعول لأجله.
(٣) ديوانه ص ٨١.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أيما".