للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلُّهم مِن يهودَ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، يومُ السبتِ يومٌ كنَّا نُعَظِّمُه، فدَعْنا فَلْنَسْبِتْ فيه، وإن التوراةَ كتابُ اللَّهِ، فدَعْنا فَلْنَقُمْ بها بالليلِ. فنزَلت: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ (١).

فقد صرَّح عكرمةُ بمعنى ما قلنا في ذلك مِن أن تأويلَ ذلك دعاءٌ للمؤمنين إلى رفضِ جميعِ المعاني التي ليست مِن حكمِ الإسلامِ، والعملِ بجميعِ شرائعِ الإسلامِ، والنهيِ عن تضييعِ شيءٍ مِن حدودِه.

وقال آخَرون: بل الفريقُ الذي دعَا إلى السِّلْمِ فقيل لهم: ادْخُلوا فيه. بهذه الآيةِ، هم أهلُ الكتابِ، أُمِروا بالدخولِ في الإسلامِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: قال ابنُ عباسٍ في قولِه: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾. يعني: أهلَ الكتابِ (٢).

حُدِّثْتُ عن الحسينِ بنِ الفرجِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ الفضلَ بنَ خالدٍ، قال: أخبرَنا عُبَيْدُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعتُ الضحَّاكَ يقولُ في قولِه: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾. قال: يعني أهلَ الكتابِ.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندي أن يقالَ: إن اللَّهَ جل ثناؤُه أمَر الذين


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٤١ إلى المصنف. وقال ابن كثير في تفسيره ١/ ٣٦٢: وفي ذكر عبد الله بن سلام مع هؤلاء نظر، إذ بعد أن يستأذن في إقامة السبت، وهو مع تمام إيمانه يتحقق نسخه ورفعه وبطلانه والتعويض عنه بأعياد الإسلام.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٤١ إلى المصنف. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٦٩ (١٩٤٤) من طريق عكرمة، عن ابن عباس: مطولًا، وفيه أنه قرأها بالنصب.