للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبراهيمُ بنُ المختارِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن زَمْعَةَ بنِ صالحٍ، عن سلَمةَ بنِ وَهْرَامَ، عن عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ، أن النبيَّ قال: "إن مِن الغَمامِ طاقاتٍ يأتي اللَّهُ فيها محفوفًا". وذلك قولُه: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ (١).

وأمَّا معنى قولِه: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ﴾ فإنه: ما يَنْظُرون. وقد بيَّنَّا ذلك بعِلَلِه فيما مضَى مِن كتابِنا هذا قبلُ.

ثم اخْتُلِف في صفةِ إتيانِ الربِّ الذي ذكَره في قولِه: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ﴾. فقال بعضُهم: لا صفةَ لذلك غيرُ الذي وصَف به نفسَه ﷿ مِن المجيءِ والإتيانِ والنزولِ، وغيرُ جائزٍ، تكلُّفُ القولِ في ذلك لأحدٍ إلَّا بخبرٍ مِن اللَّهِ ، أو مِن رسولٍ مُرسلٍ. فأمَّا القولُ في صفاتِ اللَّهِ وأسمائِه، فغيرُ جائزٍ لأحدٍ مِن جهةِ الاستخراجِ إلَّا بما ذكَرْنا.

وقال آخَرون: إتيانُه جلَّ ذكرُه نظيرُ ما يُعْرَفُ مِن مجيءِ الجائي مِن موضعٍ إلى موضعٍ، وانتقالِه مِن مكانٍ إلى مكانٍ.

وقال آخَرون: معنى قولِه: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ﴾. يعني به: هل يَنْظُرونَ إلَّا أن يأتيَهم أمرُ اللَّهِ، كما يقالُ: قد خشِينا أن تأتيَنا بنو أميَّةَ. يُرادُ به: حُكْمُهم.

وقال آخَرون: بل معنى ذلك: هل يَنْظُرون إلا أن يأتيَهم ثوابُه وحسابُه وعذابُه، كما قال ﷿: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ [سبأ: ٣٣]. وكما يقالُ: قطَع الوالي اللِّصَّ أو ضرَبه. وإنما قطَعه أعوانُه.


(١) تقدم تخريجه في ص ٦٠٦.