للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني ذا الدينِ. فكان تأويلُ الآيةِ على معنى قولِ هؤلاء: كان الناسُ أُمَّةً واحدةً مُجْتمِعةً على مِلةٍ واحدةٍ (١) ودينٍ واحدٍ، فاخْتَلَفوا، فبعَث اللَّهُ النَّبِيين مُبشِّرين ومُنْذِرين.

وأصلُ الأُمَّةِ الجماعةُ تَجْتمِعُ على دينٍ واحدٍ، ثم يُكْتفَى بالخبرِ عن الأمةِ مِن الخبرِ عن (٢) الدينِ؛ لدَلالتِها عليه، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [المائدة: ٤٨]. يُرادُ به أهلُ دينٍ واحدٍ وملةٍ واحدةٍ. فوجَّه ابنُ عباسٍ في تَأويلِه قولَه: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ إلى أن الناسَ كانوا أهلَ دينٍ واحدٍ حتى اختلَفوا.

وقال آخرون: بل تأويلُ ذلك: كان آدمُ على الحقِّ إمامًا لذُرِّيتِه، فبعَث اللَّهُ النَّبِيين في ولدِه. ووَجَّهوا معنى الأُمةِ إلى الطاعةِ للَّهِ والدُّعاءِ إلى توحيدِه واتباعِ أمرِه، من قولِ اللَّهِ ﷿: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا﴾ [النحل: ١٢٠]. يعني بقولِه: ﴿أُمَّةً﴾: إمامًا في الخيرِ يُقْتدَى به، ويُتَّبعُ عليه.

ذِكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. قال: آدمُ (٣).

حدَّثنا أحمدُ بنُ إسحاقَ، قال: ثنا أبو أحمدَ، قال: ثنا سفيانُ، عن ابنِ جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه (٤).


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) تفسير مجاهد ص ٢٣١.
(٤) تفسير سفيان ص ٦٦، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٧٥ (١٩٨١)، وعزاه السيوطي في =