للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. وعن أبيه، عن الربيعِ، عن أبي العاليةِ، عن أبيِّ بنِ كعبٍ، قال: كانوا أمةً واحدةً، حيثُ عُرِضُوا على آدمَ، ففَطَرهم (١) اللَّهُ (٢) يومَئذٍ على الإسلامِ، وأقرُّوا له بالعُبودةِ، وكانوا أُمةً واحدةً مُسْلمِين كلَّهم ثم اخْتلَفوا مِن بعدِ آدمَ، فكان أُبيٌّ يقرَأُ: (كان الناسُ أمةً واحدةً فاختلَفوا فبعَث اللَّهُ النبيين مبشرين ومنذرين) إلى (فيما اختلفوا فيه) وأنّ اللَّهَ إنما بعَث الرسلَ، وأنزَل الكتبَ عندَ الاختلافِ (٣).

حدّثني يونُسُ، قالَ: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. قال: حينَ أخْرَجهم مِن ظهرِ آدمَ، لم يكونوا أُمَّةً واحدةً قَطُّ غيرَ ذلك اليومِ، ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ﴾. قال: هذا حين تَفرَّقتِ الأُممُ (٤).

وتأويلُ الآيةِ على هذا القولِ نظيرُ تأويلِ (٥) مَن قال بقولِ ابنِ عباسٍ، أن الناسَ كانوا على دينٍ واحدٍ فيما بينَ آدمَ ونوحٍ. وقد بيَّنا معناه هنالك، إلا أن الوقتَ الذي كان الناسُ فيه أُمةً واحدةً مُخالفٌ الوقتَ الذي وَقَّتَه ابنُ عباسٍ.

وقال آخرون بخلافِ ذلك كلِّه، وقالوا: إنما معنى قولِه: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾: [كان الناسُ أُمةً واحدةً على الكفرِ باللَّهِ] (٦)، فبَعث اللَّهُ النَّبِيين.


(١) في الأصل: "فطرهم".
(٢) زيادة من تفسير ابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٧٦ (١٩٨٢، ١٩٨٤) من طريق أبي جعفر به.
(٤) ينظر تفسير القرطبي ٣/ ٣٠، والبحر المحيط ٢/ ١٣٥.
(٥) بعده في م: "قول".
(٦) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣، وفي م: "على دين واحد".