للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبَرَّأه اللهُ مِن ذلك، وجعَله حنيفًا مسلمًا، [فهدَى اللهُ أمةَ محمدٍ للحقِّ من ذلك، وقال: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا] (١) وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: ٦٧] الذين يدَّعونه مِن أهلِ الشركِ. واخْتَلفوا في عيسى، فجعَلته اليهودُ لفِريةٍ، وجعلَته النصارى ربًّا، فهدانا اللهُ للحقِّ فيه. فهذا الذى قال اللهُ: ﴿فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ﴾ (٢).

قَال (٣): فكانت هدايةُ اللهِ جل ثناؤُه الذين آمنوا بمحمدٍ وبما جاء به لِما اخْتَلف هؤلاء الأحزابُ مِن بني إسرائيلَ الذين أوتُوا الكتابَ فيه مِن الحقِّ بإِذنِه، أن وَفَّقهم لإصابةِ ما كان عليه مِن الحقِّ مَن كان قبلَ المُختلِفين الذين وصَف اللهُ صِفتَهم في هذه الآيةِ إذ كانوا أُمَّةً واحدةً، وذلك هو دينُ إبراهيمَ الحَنيفِ المسلمِ خليلِ الرحمنِ، فصاروا بذلك أُمةً واحدةً (٤) وسطًا، كما وصفَهم به ربُّهم، ليكونوا شهداءَ على الناسِ.

كما حُدِّثْتُ عن عمارِ بنِ الحسنِ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ: ﴿فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾: فهداهم اللهُ عندَ الاختلافِ، أنهم أقاموا على ما جاءت به الرسلُ قبلَ الاختلافِ، أقاموا على الإخلاصِ لِلَّهِ وحدَه وعبادتِه لا شريكَ له، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، فأقاموا على الأمرِ الأولِ الذى كان قبلَ الاختلافِ، واعْتَزلوا الاختلافَ وكانوا شهداءَ على الناسِ يومَ القيامةِ؛ كانوا شهداءَ على قومِ نوحٍ، وقومِ هودٍ، وقومِ صالحٍ،


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٧٨ (١٩٩٤) من طريق يونس، عن ابن وهب عن ابن زيد، عن أبيه.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.