للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَدَسْ (١)! ما لِعَبَّادٍ عليكِ إمارَةٌ … أمِنْتِ وهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ

فـ "تحملين" مِن صلةِ "هذا". فيكونُ تأويلُ الكلامِ حينئذٍ: يَسْألونك ما الذى يُنْفِقون.

والآخرُ مِن وَجْهَىِ الرفع، أن تَكونَ ﴿مَاذَا﴾ بمعنى: أىُّ شيءٍ؟ فيُرفَعَ ﴿مَاذَا﴾ وإن كان قولُه: ﴿يُنْفِقُونَ﴾ واقعًا عليه، إذ كان العاملُ فيه وهو ﴿يُنْفِقُونَ﴾ لا يَصْلُحُ تَقديمُه قبلَه، وذلك أن الاستفهامَ لا يجوزُ تَقْديمُ الفعلِ فيه قبلَ حرفِ الاستفهامِ، كما قال الشاعرُ (٢):

ألا تَسْألانِ المَرْءَ ماذا يُحاوِلُ … أنَحْبٌ (٣) فيُقْضَى أم ضلالٌ وباطلُ

وكما قال الآخرُ (٤):

وقالوا تَعَرَّفْها المنَازِلَ مِن مِنًى … وما كُلُّ مَنْ يَغْشَى (٥) مِنًى أنا عارفُ

فرفَع "كل" ولم يَنْصِبْه بـ "عارف"، إذ كان معنى قولِه: وما كلُّ مَن يَغْشَى مِنًى أنا عارفٌ. جحودَ معرفةِ مَن يَغْشَى منًى، فصار في معنى: ما أحدٌ.

وهذه الآيةُ فيما ذُكِر نزَلت قبلَ أن يَفْرِضَ اللهُ [الزكاةَ في] (٦) الأموالِ.

ذِكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن


(١) عدس: زجر البغال في الأصل، وعدس أيضا: اسم للبغل، سموه بتسمية الزجر وسببه. التاج (ع د س).
(٢) هو لبيد بن ربيعة، والبيت في شرح ديوانه ص ٢٥٤.
(٣) النحب: النذر. التاج (ن ح ب).
(٤) هو مزاحم العقيلي، شعر مزاحم العقيلي ص ١٠٥.
(٥) في شعر مزاحم العقيلي: "وافى".
(٦) في م: "زكاة".