للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشهرَ الحرامَ، فسَفَكوا فيه الدمَ، وأخذوا فيه الأموالَ، وأسَروا (١). فقال مَن يَرُدُّ ذلك عليهم مِن المسلمين ممن كان بمكةَ: إنما أصابوا ما أصابوا فى جُمادَى (٢). وقالت يهودُ -تَتَفاءلُ (٣) بذلك على رسولِ اللهِ -: عمرُو بنُ الحَضْرَمىِّ قتَله وَاقِدُ بنُ عبدِ اللهِ؛ عمرٌو: عَمَرتِ الحربُ، والحَضْرَمِىُّ: حَضَرت الحربُ، وواقدُ بنُ عبدِ اللهِ: وَقَدتِ الحربُ. فجعَل اللهُ عليهم ذلك [وبهم] (٤). فلما أَكْثَر الناسُ فى ذلك، أنزَل اللهُ جل وعز على رسولِه ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ﴾ أى: عن قتالٍ فيه، ﴿قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ إلى قولِه: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾. أى: إن كنتم قتَلتم فى الشهرِ الحرامِ فقد صَدُّوكم عن سبيلِ اللهِ، مع الكفرِ به، وعن المسجدِ الحرامِ. وإخراجُكم عنه -إذ أنتم أهلُه ووُلاتُه- أكبرُ عندَ اللهِ مِن قتلِ مَن قَتَلتُم منهم، ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾. أى: قد كانوا يَفْتِنون المسلمَ عن دينِه حتى يَردُّوه إلى الكفرِ بعدَ إِيمانِه، وذلك أكبرُ عندَ اللهِ مِن القتلِ، ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾. أى: هم مُقِيمون على أخبثِ ذلك وأعظمِه، غيرَ تائبين ولا نازِعِين. فلما نزَل القرآنُ بهذا مِن الأمرِ، وفَرَّج اللهُ عن المسلمين ما كانوا فيه من الشَّفَقِ (٥)، قَبَض رسولُ اللهِ العِيرَ والأسِيرَيْن (٦).


(١) بعده فى تاريخ المصنف وسيرة ابن هشام: "فيه الرجال".
(٢) فى تاريخ المصنف وسيرة ابن هشام: "شعبان".
(٣) فى ت ١، ت ٢، ت ٣: "يقال". وفى تاريخ المصنف وسيرة ابن هشام: "تفاءل".
(٤) فى تاريخ المصنف وسيرة ابن هشام: "لا لهم".
(٥) الشفق: الخوف. التاج (ش ف ق).
(٦) أخرجه المصنف فى تاريخه ٢/ ٤١٠ - ٤١٣، وذكره ابن هشام فى سيرته ١/ ٦٠١ - ٦٠٥. وفيهما زيادة عما هنا. =