للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن الأموالِ، أراد أهلُ مكةَ أن يُفَادوا بالأسيرَيْن، فقال النبيُّ : "حتى نَنْظُرَ ما فعَل صاحبانا". فلما رجَع سعدٌ وصاحبُه فادَى بالأسيرين، ففَجَر (١) عليه المشركون وقالوا: محمدٌ يَزْعُمُ أنه يَتَّبعُ طاعةَ اللهِ، وهو أوَّلُ مَن اسْتحلَّ الشهرَ الحرامَ، وقَتَل صاحبَنا في رجبٍ. فقال المسلمون: إنما قَتَلناه في جُمادَى -وقيلَ: في أوَّل ليلةٍ من رَجَبٍ، وآخرِ ليلةٍ مِن جُمَادَى- وغَمَد (٢) المسلمون سُيوفَهم حينَ (٣) دخَل رَجَبٌ، فأنزَل اللهُ جلَّ وعز يُعَيِّرُ أهلَ مكةَ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ لا يَحِلُّ، وما صَنَعتم -أنتم يا معشرَ المشركين- أكبرُ مِن القتلِ في الشهرِ الحرامِ، حين كفَرتم باللهِ، وصَدَدْتم عنه محمدًا وأصحابَه. وإخراجُ أهلِ المسجدِ الحرامِ منه -حينَ أخْرجوا محمدًا- أكبرُ مِن القتلِ عندَ اللهِ. والفِتْنَةُ -هى الشركُ- أعظمُ عندَ اللهِ مِن القتلِ في الشهرِ الحرامِ. فذلك قولُه: ﴿وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ (٤).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى الصَّنْعانيُّ، قال: ثنا المُعتَمِرُ بنُ سُليمانَ التَّيْمِيُّ، عن أبيه، أنه حدَّثه رجلٌ، عن أبي السَّوَّارِ، يُحدِّثُه عن جُنْدَبِ بنِ عبدِ اللهِ، عن رسولِ اللهِ أنه بعَث رَهْطًا، فبعَث عليهم أبا عُبَيدةَ، فلما أخَذ لينْطلِقَ بكَى صَبابةً إلى رسولِ اللهِ ، فبعَث رجلًا مكانَه يُقالُ له: عبدُ اللهِ بنُ جَحْشٍ. وكتَب له كتابًا، وأمَره ألَّا يَقْرأَ الكتابَ حتى يَبْلُغَ كذا وكذا، "ولا تُكْرِهَنَّ أحدًا مِن أصحابِك


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣، ونسخة من تاريخ المصنف: "ففخر".
(٢) في م، ت ٢، ونسخة من تاريخ المصنف: "أغمد".
(٣) في ت ٢، ت ٣: "حتى".
(٤) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٤١٣، ٤١٤ مختصرا عما هنا. وأخرج جزءا منه دون القصة ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٨٥ (٢٠٢٧) من طريق عمرو به.