للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُدِّثْتُ عن الحسيِن بنِ الفرجِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ الفَضْلَ بنَ خالدٍ، قال: أخْبَرنا عبيدُ بنُ سليمانَ الباهليُّ، قال: سمِعتُ الضحاكَ بنَ مُزاحمٍ يقولُ في قولِه: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾: كان أصحابُ محمدٍ قَتَلوا ابنَ الحَضْرمىِّ في الشهرِ الحرامِ، فعَيَّرَ المشركون المسلمين بذلك، فقال اللهُ: قتالٌ في الشهرِ الحرامِ كبيرٌ، وأكبرُ مِن ذلك صدٌّ عن سبيلِ اللهِ وكفرٌ به وإخراجُ أهلِ المسجدِ الحرامِ مِن المسجدِ الحرامِ.

وهذان الخبران اللذان ذَكَرناهما عن مجاهدٍ والضحاكِ يُنْبِئان عن صِحَّةِ ما قُلْنا في رفعِ "الصدّ" به (١)، وأن رافِعَه ﴿أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ﴾. وهما يُؤكِّدان صحةَ ما روَينا في ذلك عن ابنِ عباسٍ، ويَدُلَّان على خطأِ من زعَم أنه مرفوعٌ على العطفِ على "الكبير". وقولِ مَن زعَم أن معناه: وكبيرٌ صدٌّ عن سبيلِ اللهِ. وزعَم أن قولَه: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ﴾. خَبرٌ مُنْقطِعٌ عما قبلَه مبتدأٌ.

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال. ثنا هُشَيمٌ، قال: أخْبَرنا إسماعيلُ بنُ سالمٍ، عن الشَّعْبيِّ في قولِه: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾. قال: يعنى به الكُفْرَ.

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ﴾ مِن ذلك. ثم عَيَّر المشركين بأعمالِهم أعمالِ السُّوءِ فقال: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾. أى: الشركُ باللهِ أكبرُ مِن القتلِ (٢).

وبمثلِ الذى قُلْنا مِن التأويلِ في ذلك رُوِىَ عن ابنِ عباسٍ.

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبي، عن


(١) كذا في النسخ، ولعل صواب الكلام: في رفع الصد والكفر به. وينظر ما تقدم في ص ٦٤٩.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٨٦ عقب الأثر (٢٠٣١) من طريق شيبان، عن قتادة نحوه.