للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾. قال: هذا أولُ ما عِيبَتْ به الخمرُ (١).

حدثني علىُّ بنُ داودَ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ بنُ صالحٍ، عن علىِّ بنِ أبى طلْحَةَ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾. يعني: ما يَنقُصُ من الدِّينِ عندَ مَن يَشربُها (٢).

والذي هو أوْلى بتأويلِ الآيةِ بالإثمِ (٣) الكبيرِ الذي ذكَر اللهُ جلَّ ثناؤُه أنَّه في الخمرِ والميسرِ مما (٤) قاله السُّدىُّ، زوالُ عقلِ شاربِ الخمرِ إِذا سكِرَ من شُرْبهِ إيّاها، حتى يَعزُبَ عنه معرفةُ ربِّه، وذلك أعظمُ الآثامِ، وذلك معنى قولِ ابنِ عباسٍ إن شاءَ اللهُ. وأما في الميسرِ فما فيه من الشُّغُلِ به عن ذكرِ اللهِ وعن الصلاةِ، ووقوعِ العداوةِ والبغضاءِ بين المتياسِرينَ بسبَبِه، كما وصَف ذلك به ربُّنا جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ﴾ [المائدة: ٩١].

وأما قولُه: ﴿وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾. فإنّ منافعَ الخمرِ كانت أثمانَها قبلَ تحرِيمِها، وما يَصِلونَ إليه بشرْبِها من اللذةِ، كما قال الأعشى في صفتِها (٥):

لَنا مِن ضُحاها خُبْثُ نَفْسٍ وكأْبةٌ … وذِكْرَى هُمُومٍ ما تَغِبُّ (٦) أذَاتُها


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٥٣ إلى عبد بن حميد.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٩١ (٢٠٥٩) من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٥٣ إلى ابن المنذر والنحاس.
(٣) في م: "الإثم".
(٤) في م: "فالخمر ما".
(٥) ديوانه ص ٨٣، ٨٥ باختلاف.
(٦) في م: "تفك".