ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾: وذلك أن اللهَ لمَّا أنْزَل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ كرِه المسلمون أن يَضُمُّوا اليتامى، وتحرَّجوا أن يُخالِطوهم في شيءٍ، فسألوا رسولَ اللهِ ﷺ، فأنْزَل اللهُ: ﴿قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾.
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: سألتُ عطاءَ بنَ أبى رَبَاحٍ عن قولِه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾. قال: لمَّا نزَلت سورةُ "النساءِ" عزَل الناسُ طعامَهم فلم يُخالِطوهم. قال: ثم جاءوا إلى النبىِّ ﷺ فقالوا: إنَّا يَشُقُّ علينا أن نَعْزِلَ طعامَ اليتامى وهم يأكُلون معَنا. فنزَلت: ﴿وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ (١).
قال ابنُ جُرَيْجٍ: وقال مجاهدٌ: عزَلوا طعامَهم عن طعامِهم، وألبانَهم عن ألبانِهم، وأُدْمَهم عن أُدْمِهم، فشقَّ ذلك عليهم، فنزَلت: ﴿وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾. قال: مخالطةُ اليتيمِ في المراعِى والأُدْمِ.
قال ابنُ جُرَيْجٍ: وقال ابنُ عباسٍ: الألبانِ وخدمةِ الخادمِ وركوبِ الدابَّةِ. قال ابنُ جُرَيْجٍ: وفى المساكنِ. قال: والمساكنُ يومئذٍ عزيزةٌ.
حدَّثنا محمدُ بنُ سِنانٍ، قال: ثنا الحسينُ بنُ الحسنِ الأَشْقَرُ، قال: أخبَرَنا أبو كُدَيْنةَ، عن عطاءٍ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: لمَّا نزَلت: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ و: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾. قال: اجْتَنَب الناسُ مالَ اليتيمِ وطعامَه، حتى كان يَفْسُدُ إن كان لحمًا أو
(١) أخرجه النسائى (٣٦٧١)، وفى الكبرى (٦٤٩٦) من طريق أبى كدينة به.