يعنى تعالى ذكرُه بقوله: ﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ﴾: باللهِ وبرسولِه وبما جاء به مِن عندِ اللهِ، خيرٌ عندَ اللهِ وأفضلُ مِن حُرَّةٍ مشركةٍ كافرةٍ وإن شرُف نسبُها وكرُم أصلُها. يقولُ: ولا تَبْتَغوا الناكحَ في ذواتِ الشرفِ مِن أهلِ الشرفِ باللهِ، فإن الإماءَ المسلماتِ عندَ اللهِ خيرٌ مَنْكَحًا منهنَّ.
وقد ذُكِر أن هذه الآيةَ نزَلت في رجلٍ نكَح أَمةً، فعُذِل في ذلك، وعُرِضت عليه حُرَّةٌ مشركةٌ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حَدَّثَنِي موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عَمرُو بنُ حمَّادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾. قال: نزَلت في عبدِ اللهِ بنِ رَوَاحةَ، وكانت له أمَةٌ سوداءُ، وأنه غضِب عليها فلطَمها، ثم فزِع، فأتَى النَّبِيَّ ﷺ فأخبرَه بخبرِها، فقال له النَّبِيُّ ﷺ:"ما هي يا عبدَ اللهِ؟ ". قال: يا رسولَ اللهِ، هى تصومُ وتُصَلِّى وتُحْسِنُ الوُضوءَ، وتَشْهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنك رسولُ اللهِ. فقال:"هذه مؤمنةٌ". فقال عبدُ اللهِ: فوالذى بعَثك بالحقِّ، لأَعْتِقَنَّهَا ولأَتَزَوَّجَنَّها، ففعَل، فطعَن عليه ناسٌ من المسلمين، فقالوا: تزوَّج أمَةً! وكانوا يُرِيدون أن يَنْكِحوا إلى المشركين ويُنْكِحوهم، رغبةً في أحسابِهم، فأنْزَل اللهُ فيهم: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾، ﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ﴾ (١).
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٩٨ (٢١٠٢) من طريق عمرو بن حماد به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٥٧ إلى ابن المنذر.