للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئًا أحلَّه في حالِ الحيضِ- ما يُعْلَمُ به فسادُ هذا القولِ.

وبعدُ، فلو كان معنى ذلك على ما تأوَّله قائلو هذه المقالةِ، لوجَب أن يكونَ الكلامُ: فإذا تطهَّرْنَ فأتوهنَّ في (١) حيثُ أمَركم اللهُ. حتى يكونَ معنى الكلامِ حينئذٍ على التأويلِ الذى تأوَّله، ويكونَ ذلك أمرًا بإتيانِهن في فُروجِهن؛ لأن الكلامَ المعروفَ إذا أُرِيد ذلك أن يقالَ: أتَى فلانٌ زوجتَه مِن قِبَلِ فرجِها. ولا يقال: أتاها من فرجِها. إلا أن يكونَ أتاها مِن قِبَلِ فرجِها في مكانٍ غيرِ الفرجِ.

فإن قال لنا قائلٌ: فإن ذلك وإن كان كذلك، فليس معنى الكلامِ: فأتوهنَّ في فروجِهنَّ. وإنما معناه: فأتوهنَّ مِن قِبَلِ قُبُلِهن في فروجِهن. كما يُقالُ: أتيتُ هذا الأمرَ من مأتاه.

قيل له: إن كان ذلك كذلك، فلا شكَّ أن مَأْتَى الأمرِ ووجهَه غيرُه، وأن ذلك مطلبُه. فإن كان ذلك على ما زعَمتم، فقد يَجِبُ أن يكونَ معنى قولِه: ﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾. غيرَ الذى زعَمتم أنه معناه بقولِكم: ائتوهنَّ من قِبَلِ مَخرجِ الدمِ ومن حيثُ أُمِرتم باعتزالِهن. ولكنَّ الواجبَ أن يكونَ تأويلُه على ذلك: فأتوهنَّ من قِبَلِ وجوهِهنَّ في أقبالِهن. كما كان قولُ القائلِ: ائتِ الأمرَ مِن مأتاه. إنما معناه: اطْلُبْه مِن مطلبِه. ومطلبُ الأمرِ غيرُ الأمرِ المطلوبِ، فكذلك [يَجِبُ أن يكونَ] (٢) مأتى الفرجِ -الذى أمَر اللهُ في قولِهم بإتيانِه- غيرَ الفرجِ. وإذا كان ذلك (٣) كذلك، وكان معنى الكلامِ عندَهم: فأتوهنَّ مِن قِبَلِ وُجوهِهنَّ في فروجِهنَّ. وجَب أن يكونَ على قولِهم مُحرَّمًا إتيانُهنَّ في فروجِهن مِن قِبَلِ أدبارِهنَّ، وذلك إن


(١) في النسخ: "من". وهو نص الآية، والمثبت ما يقتضيه السياق.
(٢) في ص: "يجب"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يجب أن". والمثبت هو الصواب.
(٣) زيادة من: ت ٢.