للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهنَّ قرءٌ له مخالفٌ، وإذا فعَلتْ ذلك كانت مؤديةً ما ألزَمها ربُّها تعالى ذكرُه بظاهرِ تنزيلِه.

فقد تبين إذن - إذ كان الأمرُ على ما وصَفْنَا - أنّ القرءَ الثالثَ من أقرائها - على ما بينَّا - الطهرُ الثالثُ، وأن بانقضائه ومجيءِ قرءِ الحيضِ الذي يتلوه، انقضاءُ عدَّتِها.

فإن ظنّ ذو [غباءٍ - أنّا] (١) إذ كنا قد نُسمِّى وقتَ مجيءِ الطهرِ قرءًا، ووقتَ مَجِيءِ الحيضِ قرءًا - أنه يلْزَمُنا أن نَجعَلَ عدةَ المرأةِ مُنقضيةً بانقضاءِ الطُّهرِ الثاني، إذْ كان الطهرُ الذي طلَّقها فيه، والحيضةُ التي بعدَه، والطهرُ الذي يتلوها أقراءً كلَّها، فقد ظَنَّ جَهْلًا، وذلك أن الحكمَ عندنا في كلِّ ما أنزَله اللهُ في كتابِه على ما احتمَلَه ظاهرُ التنزيلِ، ما لم يُبيِّنِ اللهُ تعالَى ذكرُه لعبادِه أنّ مرادَه منه الخصوصُ؛ إمّا بتنزيلٍ في كتابِه، أو علَى لسانِ رسولِه ، فإذا خصَّ منه البعضَ، كان الذي خَصَّ من ذلك غيرَ داخلٍ في الجملةِ التي أوجَب الحكمَ بها، و (٢) كان سائرُها على عمومِها، كما (٣) قد بيَّنا في كتابِنا "كتابِ لطيفِ القولِ من البيانِ عن أصولِ الأحكامِ" وغيرِه من كُتبِنا.

فالأقراءُ التي هي أقراءُ الحيضِ بينَ طُهرىْ أقراءِ الطهرِ غيرُ مُحتسَبةٍ من أقراءِ المتربِّصةِ بنفسِها بعدَ الطلاقِ؛ لإجماعِ الجميعِ من أهلِ الإسلامِ أن الأقراءَ التي أوجبَ اللهُ عليها تربُّصَهنَّ ثلاثةُ قروءٍ، بينَ كلِّ قرءٍ منهنّ أوقاتٌ مخالفاتُ المعنَى لأقرائِها التي تَربَّصُهُنَّ، وإذْ كنَّ مستحقّاتٍ عندنا اسمَ أقراءٍ، فإن ذلك من إجماعِ


(١) في م: "غباوة".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢: "وإن".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "ما".