للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَكْتُمْنَ الولدَ، وكان أهلُ الجاهليةِ؛ كان الرجلُ يُطلِّقُ امرأتَه وهي حاملٌ، فتَكْتُمُ الولدَ، فتذهبُ به إلى غيرِه، وتَكْتُمُ مخافةَ الرجعةِ، فنهَى اللهُ عن ذلك وقدَّمَ فيه (١).

حدَّثنا الحسن بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبد الرزَّاقِ، قال: أخبَرنا مَعمرٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾. قال: كانت المرأةُ تَكْتُمُ حملَها حتى تجعلَه لرجلٍ آخرَ منها (٢).

وقال آخرون: بل السببُ الذي من أجلِه نُهينَ عن كتمانِ ذلك، هو أن الرجلَ كانَ إذا أرادَ طلاقَ امرأتِه سألَها، هلْ بها حَملٌ؛ لكيلَا يُطلِّقَها وهي حاملٌ منه، للضَّرَرِ الذي يَلْحَقُه وولَدَه في فراقِها (٣)، فأُمِرْنَ بالصدقِ في ذلك ونُهينَ عن الكذبِ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني موسى، [قال: ثنا عمرٌو] (٤)، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾: فالرجلُ يريذ أنْ يُطَلِّقَ امرأتَه فيسألَها: هل بكِ حملٌ؟ فتكتُمُه، إرادةَ أن تُفارقَه، فيطلِّقُها وقد كَتَمتْه حتى تضعَ، وإذا علِمَ بذلك فإنها تُردُّ إليه عُقوبةً لما كتَمَتْه، وزوجُها أحقُّ برجْعتِها (٥).

وأوْلى هذه الأقوالِ بتأويلِ الآيةِ قولُ من قال: الذي نُهيت المرأةُ المطلَّقةُ عن كِتمانِه زوجَها المطلِّقَها تطليقةً أو تطليقتَين، مما خلَق اللهُ في رحِمِها، الحَيْضُ والحبَلُ؛ لأنه لا خلافَ بين الجميعِ أن العدَّةَ تنقضِي بوضْعِ الولدِ الذي خلَق اللهُ في


(١) عزاه السيوطي في الدر ١/ ٢٧٥ إلى عبد بن حميد.
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٩٢، وفي مصنفه (١١٠٦٠)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٧٥ إلى ابن المنذر.
(٣) بعده في م: "إن فارقها".
(٤) سقط من النسخ.
(٥) ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ٢/ ٩٦، ٩٧ عن السدي.