للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال لنا قائلٌ: [أفما لزوجِ المطلَّقةِ] (١) واحدةً أو اثنتينِ بعدَ الإفضاءِ إليها، عليها رجعةٌ في أقرائِها الثلاثةِ، إلَّا أنْ يكونَ مُريدًا بالرجعةِ إصلاحَ أمرِها وأَمرِه؟

قيل: أمَّا فيما بينَه وبينَ اللهِ فغيرُ جائزٍ - إذا أرادَ ضِرارَها بالرجعةِ لا إصلاحَ أمرِها وأمرِه - مراجَعتُها. وأما في الحكمِ فإنه مَقضيٌّ له عليها بالرجعةِ نظيرَ (٢) حُكْمِنا عليه ببُطُولِ رجعتِه عليها، لو كتَمتْه حملَها الذي خلَقه اللهُ في رحِمِها، أو حيضَها حتى انقضَتْ عدَّتُها ضِرارًا منها له، وقد نهاها (٣) اللهُ عن كتمانِه ذلك، فكان سواءً في الحكمِ - في بُطولِ رجعةِ زوجِها عليها، وقد أثِمتْ في كتمانِها إيّاه ما كتَمتْه مِن ذلك حتى انقضَتْ عدَّتُها - هي والتي أطاعت اللهَ بتركِها كتمانَ ذلك منه، وإن اختلَفتا (٤) في طاعةِ اللهِ في ذلك ومعصيتِه، فكذلك المُراجعُ زوجتَه المطلَّقةَ واحدةً أو اثنتينِ بعدَ الإفضاءِ إليها، وهما حُرّان، وإن أرادَ ضِرارَ المراجعةِ برجعتِه، فمحكومٌ له بالرجعةِ وإن كان آثمًا برَبِّه (٥) في فعلِه، ومُقْدِمًا على ما لم يُبحْه اللهُ له، واللهُ وليُّ مُجازاتِه فيما أتَى من ذلك. فأما العبادُ فإنهم غيرُ جائزٍ لهم الحوْلُ بينَه وبينَ امرأتِه التي راجَعها بحكمِ اللهِ جلَّ ثناؤُه بأنها حينئذٍ زَوجتُه، فإنْ حاوَل ضِرارَها بعدَ المراجعةِ بغيرِ الحقِّ الذي جعَلهُ اللهُ له، أُخِذ لها بالحقوقِ التي ألزَم اللهُ الأزواجَ للزوجاتِ حتى يعودَ ضُرُّ ما أرادَ من ذلك عليه دونَها.

وفي قولِه: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ أبينُ الدلالةِ على صحةِ قولِ مَن قال: إنّ المُؤْلِىَ إذا عَزَم/ الطلاقَ فطلَّقَ امرأتَه التي آلَى منها، أن له عليها الرجعةَ في


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فما لزوج"، وفي م: "فما لزوج طلق".
(٢) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ما".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "نهى".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "اختلفا".
(٥) في م: "برأيه".