للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن بَشيرِ (١) بنِ سلمانَ، عن عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ، قال: إني أُحِبُّ أن أَتزيّنَ للمرأةِ، كما أُحِبُّ أن تَتَزَيَّنَ لي؛ لأن اللهَ تعالى ذِكرُه يقولُ: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (٢).

والذى هو أولَى بتأويلِ الآيةِ عندي: وللمطلقاتِ واحدةً أو اثْنتينِ، بعدَ الإفضاءِ إليهنَّ، على بُعولتِهنَّ ألا يراجِعوهنَّ (٣) في أقرائِهن الثلاثةِ إذا أرادُوا رَجعَتَهنَّ فيهنَّ إلَّا أن يُريدوا (٤) إصلاحَ أمرِهن وأمرِهم [وألا] (٥) يراجعوهن ضِرارًا، كما عليهنَّ لهم إذا أرادُوا رجعتَهنَّ فيهن ألا يَكْتُمْنَ ما خلَق اللهُ في أرحامِهنَّ من الولدِ ودمِ الحيضِ ضِرارًا منهنَّ لهم لِيَفُتْنَهمْ (٦) بأنفسِهنَّ. ذلك أن اللهَ تعالَى ذكرُه نَهَى المطلقاتِ عن كتمانِ أزواجِهنَّ في أقرائِهنَّ ما خلَق اللهُ في أرحامِهنَّ إن كنَّ يُؤْمِنَّ باللهِ واليومِ الآخرِ، وجعَل أزواجَهنَّ أحقَّ بردِّهنَّ في ذلك إن أرادُوا إصلاحًا، فحرَّم على كلِّ واحدٍ منهما مُضارَّةَ صاحبِه، وعرَّف كلَّ واحدٍ منهما ما له وما عليه من ذلك، ثم عقَّب ذلك بقولِه: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾. فبيّنَ أن الذي على كلِّ واحدٍ منهما لصاحبِه من تركِ مُضارَّتِه مثلُ الذي له على صاحبِه من ذلك.

فهذا التأويلُ هو أشبهُ بدلالةِ ظاهرِ التنزيلِ مِن غيره، وقد يَحتملُ أن يكونَ كلُّ ما على كلِّ واحدٍ منهما لصاحبِه داخلًا في ذلك، وإن كانت الآيةُ نزَلتْ فيما


(١) في م: "بشر".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤١٧ (٢١٩٦) من طريق وكيع، به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٧٦ إلى سفيان بن عيينة ووكيع وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) بعده في م: "ضرارًا".
(٤) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "يروا".
(٥) في م: "فلا".
(٦) في م: "لتيقنهن" والمعنى: سَبَقْنَهُم إلى حيث لا يبلغونهن، فلا ينالون منهن شيئًا. ينظر التاج (ف و ت).