للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك منه جعَل الطلاقَ ثلاثًا؛ مرَّتين، ثم بعدَ المرتينِ إمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ (١).

حدَّثنا موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عَمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾: أما قولُه: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ فهو الميقاتُ الذي يكونُ عليها فيه الرجعةُ (٢).

حدَّثنا هنادٌ، قال: ثنا أبو الأحوصِ، عن سِماكٍ، عن عكرمةَ في قولِه: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾. قال: إذا أرادَ الرجلُ أن يطلِّقَ امرأتَه فيطلِّقَها تَطليقتيْنِ، فإن أرادَ أن يُراجِعَها كانت له عليها رجعةٌ، وإن شاءَ طلَّقها أُخرَى، فلم تحِلَّ له حتى تنكِحَ زوجًا غيرَه (٣).

فتأويلُ الآيةِ على هذا الخبرِ الذي ذكَرنا: عددُ الطّلاقِ الذي لكم أيُّها الناسُ فيه على أزواجِكم الرجعةُ، إذا كنَّ مَدخولًا بهنّ، تَطليقتان، ثم الواجبُ على من راجَع منكم بعدَ التطليقتيْنِ إمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ؛ لأنه لا رجعةَ له بعد التَّطليقتين إنْ سرَّحها فطلَّقها الثالثةَ.

وقال آخرون: إنما أُنزِلتْ هذه الآيةُ علَى نبيِّ اللهِ تعريفًا من اللهِ جلّ ثناؤُه عبادَه سُنَّةَ طلاقِهم نساءَهم إذا أرادُوا طلاقَهنَّ، لا دلالةً على العَدَدِ (٤) الذي به تَبِينُ المرأةُ من زوجِها.


(١) ينظر تفسير ابن كثير ١/ ٤٠٠.
(٢) أخرجه البيهقي ٧/ ٣٦٧ من طريق عمرو، عن أسباط، عن السدي بإسناده.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ٥/ ٢٦١ عن أبي الأحوص به.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "القدر".