للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حاضت الحيضةَ الثانيةَ فهما تطليقتانِ وقُرْءَان، ثم قال اللهُ في الثالثةِ: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾. فيطلِّقُها في ذلك القرءِ كلِّه إن شاءَ حينَ تجمَعُ عليها (١) ثيابَها (٢).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ بنحوِه، إلَّا أنه قال: فحاضَت الحيضةَ الثانيةَ، كما طلَّق الأولَى، فهاتان تطليقتانِ وقُرْءانِ، ثم قال: الثالثةُ. وسائرُ الحديثِ مثلُ حديثِ محمدِ بن عمرٍو، عن أبي عاصمِ.

فتأويلُ الآيةِ على قولِ هؤلاء: سُنَّةُ الطلاقِ التي سَنَنْتُها وأبَحتُها لكم، إذا أردْتم طلاقَ نسائِكم، أن تطلقوهنَّ ثِنتينِ في كلِّ طهرٍ واحدةً، ثم الواجبُ * بعدَ ذلك عليكم، إما أن تمسكوهنّ بمعروفٍ أو تسرِّحوهنَّ بإحسانٍ.

فالذي هو أوْلَى بظاهرِ التنزيلِ ما قاله عُروةُ وقتادةُ ومَن قال مثلَ قولِهما من أنَّ الآيةَ إنما هي دليلٌ على عددِ الطلاقِ الذي يكونُ به التحريمُ وبُطولُ الرجْعةِ فيه، والذى يكونُ فيه الرجعةُ منه، وذلك أن اللهَ تعالى ذِكرُه قال في الآيةِ التي تتلوها:

﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾. فعرَّف عبادَه القدرَ الذي به تحرُمُ المرأةُ على زوجِها إلَّا بعدَ زوجٍ، ولم يبيِّنْ فيها الوقتَ الذي يجوزُ الطلاقُ فيه، والوقتَ الذي لا يجوزُ ذلكَ فيه، فيكونَ موجِّهًا تأويلَ الآيةِ إلى ما رُوى عن ابنِ مسعودٍ ومجاهدٍ ومن قال بمثلِ قولِهما فيه.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عليه".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ٥/ ٢٦١، وابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤١٨ (٢٢٠٧). من طريق ابن أبي نجيح به.
* من هنا خرم في النسخة الأصل، وينتهي عند قوله: فيه الرجعة مرتان. في ص ١٣٢.