للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾: إذا طلَّقَ واحدة أو اثنتيْنِ، إما أن يُمسِكَ - ويمسكَ: يراجعَ - بمعروفٍ، وإما سكتَ عنها حتى تنقضيَ عدَّتُها، فتكونَ أحقَّ بنفسِها (١).

حدَّثنا عليُّ بنُ عبدِ الأعلَى، قال: ثنا المحاربيُّ، عن جُويبرٍ، عن الضحاكِ: ﴿أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾: فالتسريحُ أن يدَعَها حتى تمضيَ عِدَّتُها (١).

حدَّثنا يحيى (٢) بنُ أبي طالبٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: أخبَرنا جُويبرٌ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾. قال: يعني تطليقتيْنِ بينهما مُراجعةٌ، فأُمِر أنُ يمسِكَ أو يُسرِّحَ بإحسانٍ. قال: فإنْ هو طلَّقها ثالثةً، فلَا تَحِلُّ له حتى تنكِحَ زوجًا غيرَه.

وكأن قائلي هذا القولِ الذف ذكَرناه عن السُّدِّيِّ والضحاكِ ذهَبوا إلى أن معنى الكلامِ: الطلاقُ مرّتانِ، فإمساكٌ في كلِّ واحدةٍ منهما لهنَّ بمعروفٍ، أو تسريحٌ لهنَّ بإحسانٍ.

وهذا مذهبٌ مما يحتمِلُه ظاهرُ التنزيلِ لولَا الخبرُ الذي ذكَرتُه عن النبيِّ ، الذي رواه إسماعيلُ بنُ سُميعٍ، عن أبي رَزِينٍ، فإنَّ اتباعَ الخبرِ عن رسولِ اللهِ أوْلى بنا مِن غيرِه. فإذ كان ذلك هو الواجبَ، فبيِّنٌ أن تأويلَ الآيةِ: الطلاقُ الذي لأزواجِ النساءِ على نسائِهم (*) فيه الرجعةُ مرتان، ثم الأمرُ بعدَ ذلك إذا راجَعوهُنَّ في الثانيةِ، إما إمساكٌ بمعروفٍ، وإما تسريحٌ منهم لهن بإحسانٍ بالتطليقةِ


(١) ينظر المحرر الوجيز ٢/ ١٠٠.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "على".
(*) إلى هنا ينتهي الخرم المشار إليه في ص ١٢٩.