للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأَوْجَبَ لكلِّ (١) واحدٍ منهما على صاحبِه، وأَلْزَمَ كلَّ واحدٍ منهما بسببِ النكاحِ الذى يكونُ بينهما.

وقد بَيَّنّا معنى الحدودِ ومعنى إقامةِ ذلك، بما أَغنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).

وكان مجاهدٌ يقولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾. ما حدَّثني به محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾: إن ظَنَّا أنَّ نكاحَهما على غيرِ دُلْسةٍ (٣).

حدَّثني المثنَّى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

وقد وجَّه بعضُ أهلِ التأويلِ (٤) قولَه: ﴿إِنْ ظَنَّا﴾. إلى أنه بمعنى: إن أَيْقَنا. وذلك ما لا وَجْهَ له؛ لأن أحدًا لا يَعلمُ ما هو كائنٌ غيرُ اللَّهِ تعالى ذكرُه. فإذ كان ذلك كذلك، فما المعنى الذي به يُوقِنُ الرجلُ والمرأةُ أنّهما إذا تراجَعا أقاما حدودَ اللَّهِ؟ ولكنَّ معنى ذلك كما قال تعالى ذكرُه: ﴿إِنْ ظَنَّا﴾. بمعنى: طَمِعا بذلك ورَجَوَاه.


(١) في م: "بكل".
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٢٦١، ٣/ ٢٦٧.
(٣) الدُّلْسةُ: الظُّلمة، ويقال: فلان لا يدالس ولا يوالس. أي: لا يظلم ولا يخون، وهو لا يدالسك: لا يخادعك ولا يُخْفِي عليك الشيء. التاج (د ل س).
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٢٣ (٢٢٣٥) من طريق ابن أبي نجيح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٨٥ إلى عبد بن حميد. وينظر تفسير البغوي ١/ ٢٧٣.
(٤) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٧٤.