للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليس له أن يَعْضُلَها حتى يَرِثَها ويَمْنَعَها أن تَسْتَعِفَّ بزوجٍ.

حُدِّثْتُ عن الحسينِ بنِ الفرجِ، قال: سَمِعْتُ أبا معاذٍ، قال: أخبرَنا عُبيدُ بنُ سليمانَ، قال: سَمِعْتُ الضَّحّاكَ يقولُ في قولِه: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾: هو الرجلُ يُطَلِّقُ امرأتَه تطليقةً، ثم يَسْكُتُ عنها، فيكونُ خاطبًا من الخُطّابِ، فقال اللَّهُ لأولياءِ المرأةِ: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾. يقولُ: لا تَمْنَعُوهُنَّ أن يَرْجِعْنَ إلى أزواجِهنَّ بنكاحٍ جديدٍ ﴿إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ إذا رَضِيَتِ المرأةُ وأرادتْ أن تراجِعَ زوجَها بنكاحٍ جديدٍ.

والصوابُ من القولِ في هذه الآيةِ أن يقالَ: إن اللَّهَ تعالى ذكرُه أَنزلَها دَلالةً على تحريمِه على أولياءِ النساءِ مُضَارَّةَ مَن كانوا له أولياءَ من النساءِ؛ بعَضْلِهنَّ عمَّن أردْن نكاحَه من أزواجٍ كانوا لهنَّ، فبِنَّ منهم (١) بما تَبِينُ به المرأةُ من زوجِها، مِن طلاقٍ أو فسخِ نكاحٍ، وقد يجوزُ أن تكونَ نزلتْ في أمرِ مَعْقِلِ بنِ يَسارٍ وأمرِ أختِه، أو في أمرِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ وأمرِ ابنةِ عمِّه، وأيُّ ذلك كان، فالآيةُ دالَّةٌ على ما ذكَرْتُ.

ويَعني بقولِه: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾: لا تُضَيِّقُوا عليهن بمَنْعِكم إياهنَّ أيُّها الأولياءُ من مراجعةِ أزواجِهنَّ بنكاحٍ جديدٍ، تَبتغُون بذلك مُضَارَّتَهن، يقالُ منه: عضَل فلانٌ فلانةَ عن الأزواجِ، يَعْضُلُها عَضْلًا. وقد ذُكِر لنا أن حيًّا من أحياءِ العربِ مِن لغتِها: عضِل يَعضَلُ. فمن كان مِن لغتِه "عَضِل"، فإنه إن صار إلى "يفعَلُ"، قال: يَعضَلُ، بفتحِ الضادِ، والقراءة على ضمِّ الضادِ دون كسرها، والضمُّ من لغةِ مَن قال: عضَل.

وأصلُ العَضْلِ: الضِّيقُ. ومنه قولُ عمرَ رحمةُ اللَّهِ عليه: قد أَعضَل بي أهلُ


(١) في النسخ: "منهن".