لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾. القولُ الذي رواه عليُّ بنُ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ، ووافَقَه على القولِ به عطاءٌ والثوريُّ، والقولُ الذي رُوِي عن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ وابنِ عباسٍ وابنِ عمرَ، وهو أنه دَلالةٌ على الغايةِ التي يُنْتَهَى إليها في رَضاعِ المولودِ إذا اخْتَلَف والداه، وألا رَضاعَ بعدَ الحولين يُحَرِّمُ شيئًا، وأنه مَعْنيٌّ به كلُّ مولودٍ لستةِ أشهرٍ كان وِلادُه أو لسبعةٍ أو لتسعةٍ.
فأما قولُنا: إنه دلالةٌ على الغايةِ التي يُنْتَهَى إليها في الرضاعِ عندَ اختلافِ الوالدين فيه؛ فلأن اللَّهَ تعالى ذِكْرُه لمَّا حدَّ في ذلك حدًّا كان غيرَ جائزٍ أن يَكونَ ما وراءَ حدِّه مُوافقًا في الحكمِ ما دونَه؛ لأن ذلك لو كان كذلك لم يَكُنْ للحدِّ معنًى معقولٌ. وإذ كان ذلك كذلك، فلا شكَّ أن الذي هو دونَ الحولين مِن الأجَلِ لمَّا كان وقتَ رَضاعٍ كان ما وراءَه غيرَ وقتٍ له، وأنه وقتٌ لتَرْكِ الرَّضاعِ، وأن تمامَ الرَّضاعِ لمَّا كان تَمامَ الحولين، وكان التمامُ مِن الأشياءِ لا معنى للزيادةِ (١) فيه - كان لا معنى للزيادةِ في الرضاعِ على الحولين، وأن ما دونَ الحولين مِن الرضاعِ لمّا كان مُحَرِّمًا، كان ما وراءَه غيرَ مُحَرِّمٍ.
وإنما قلْنا: هو دلالةٌ على أنه مَعْنيٌّ به كلُّ مولودٍ لأيِّ وقتٍ كان وِلادُه؛ لستةِ أشهرٍ، أو سبعةٍ، أو تسعةٍ؛ لأن اللَّهَ تعالى ذكرُه عمَّ بقولِه: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾. ولم يَخْصُصْ به بعضَ المولودِين دونَ بعضٍ.
وقد دلَّلْنا على فسادِ القولِ بالخصوصِ بغيرِ بيانِ اللَّهِ تعالى ذكرُه ذلك في كتابِه، أو على لسانِ رسولِه ﷺ في كتابِنا "كتابِ البَيانِ عن أصولِ الأحكامِ" بما أغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ.