للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بولدِها، ولا مولودٌ له بوَلَدِهِ. كما يقالُ إذا نُهِي عن إكرامِ رجلٍ بعينِه فيما لم يُسَمَّ فاعلُه، ولم يُقْصَدْ بالنهيِ عن إكرامِه قصْدُ شخصٍ بعينِه (١) -: لا يُكْرَمُ عمرٌو، ولا يُجْلَسُ إلى أخيه. ثم تُرِك التَّضعيفُ فقيل: لا يُضارّ. فحُرِّكَتِ الراءُ الثانيةُ التي كانت مجزومةً - لو أُظْهِر التضعيفُ - بحركةِ الراءِ الأولى.

وقد زعَم بعضُ أهلِ العربيةِ أنَّها إنما حُرِّكَت إلى الفتحِ في هذا الموضعِ؛ لأنه أخفُّ (٢) الحركاتِ. وليس للذي (٣) قال مِن ذلك معنًى؛ لأن ذلك إنما كان جائزًا أن يكونَ كذلك لو كان معْنَى الكلامِ: لا تُضارِرْ (٤) والدةٌ بولدِها. وكان المنهيُّ (٥) عن الضِّرارِ هي الوالدةَ. على أنَّ معنى الكلامِ لو كان كذلك لكان الكسرُ في "تضار" أفصحَ مِن الفتحِ، والقراءةُ به كانت أصوبَ مِن القراءةِ بالفتحِ، كما أن: مُدَّ بالثوبِ، أفصحُ مِن: مُدَّ به. وفي إجماعِ القرأةِ على قراءةِ ﴿لَا تُضَارَّ﴾ بالفتحِ دون الكسرِ دليلٌ واضحٌ على إغفالِ مَن حكَيْتُ قولَه مِن أهلِ العربيةِ في ذلك.

فإن كان قائلُ ذلك قاله تَوَهُّمًا منه أن معنى ذلك: لا تضارِرْ (٦) والدةٌ. وأن "الوالدةَ" مرفوعةٌ بفعلِها، وأن الراءَ الأولى حظُّها الكسرُ، فقد أغْفَل تأويلَ الكلامِ، وخالَف قولَ جميعِ مَن حكَيْنا قولَه مِن أهلِ التأويلِ، وذلك أن اللَّهَ تعالى ذكرُه تقَدَّم


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢.
(٢) في النسخ: "أحد". وينظر الكتاب ٤/ ١٦٧، ١٨٨، ٣٨٢، ٣٨٣.
(٣) في م: "الذي".
(٤) في ص، م، ت ٢: "تضارن"، وفي ت ١: "تضار"، والصواب ما أثبتناه، فقد التبس على الناسخ في الراء الثانية فرسمها نونًا فصارت: "تضارن" بدلا من: "تضارر".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢: "النهي".
(٦) في م، ت ١، ت ٢: "تضار".