للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما القرآنُ، فإن المفسرين اخْتَلَفوا في تأويلِه، والواجبُ أن يكونَ تأويلُه على قولِ ابنِ عباسٍ مِن التلاوةِ والقراءةِ، وأن يكونَ مصدرًا مِن قولِ القائلِ: قرأْتُ القرآنَ. كقولِك: الخُسْرانُ. مِن: خسِرْتُ، و: الغُفْرانُ. مِن: غفَر اللَّهُ لك، و: الكُفْرانُ. مِن: كفَرْتُك، و: الفرقانُ. مِن: فَرَق اللَّهُ بينَ الحقِّ والباطلِ.

وذلك أن يحيى بنَ عثمانَ (١) بنِ صالحٍ السَّهْميَّ حدَّثني، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّهِ بنُ صالحٍ، قال: حدَّثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾. يقولُ: بيَّنَّاه، ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨]. يقولُ: اعْمَلْ به.

ومعنى قولِ ابنِ عباسٍ هذا: فإذا بيَّناه بالقراءةِ، فاعْمَلْ بما بيَّناه لك بالقراءةِ.

ومما يُوَضِّحُ صحةَ ما قلْنا في تأويلِ حديثِ ابنِ عباسٍ هذا ما حدَّثني به محمدُ ابنُ سعدٍ، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثني عمي، قال: حدَّثني أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧]. قال: أن نُقْرِئَك فلا تَنْسَى، ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾ عليك، ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾. يقولُ: إذا تُلِي عليك فاتَّبِعْ ما فيه.

قال أبو جعفرٍ: فقد صرَّح هذا الخبرُ عن ابنِ عباسٍ أن معنى القرآنِ عندَه القراءةُ، [وأنه] (٢) مصدرٌ مِن قولِ القائلِ: قرأتُ. على ما بيّناه (٣).

وأما على قولِ قتادةَ، فإن الواجبَ أن يكونَ مصدرًا مِن قولِ القائلِ: قرأتُ


(١) في ت ٢: "عمر".
(٢) في م: "فإنه".
(٣) في م: "قد قلناه".