للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذ صحّ أن حكمَ كلِّ آيةٍ مِن آيِ القرآنِ كان لازمًا النبيَّ (١) اتباعُه والعملُ به، مُؤَلَّفةً كانت إلى غيرِها أو غيرَ مُؤَلَّفةٍ - صحّ ما قال ابنُ عباسٍ في تأويلِ قولِه: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾. أنه مَعنيٌّ (٢) به: فإذا بيَّناه لك بقراءتِنا، فاتَّبِعْ ما بيَّناه لك بقراءتِنا. دونَ قولِ مَن قال: معناه: فإذا ألَّفْناه فاتَّبِعْ ما ألَّفْناه.

وقد قيل: إن قولَ الشاعرِ (٣):

ضَحَّوْا بأشْمَطَ (٤) عُنْوانُ (٥) السُّجودِ به … يُقَطِّعُ الليلَ تَسْبيحًا وقُرْآنا

يعني به قائلُه: تسبيحًا وقراءةً.

فإن قال قائلٌ: وكيف يجوزُ أن يُسَمَّى قرآنًا بمعنى القراءةِ، وإنما هو مَقْروءٌ؟

قيل: كما جاز أن يُسَمَّى المكتوبُ كتابًا، بمعنى كتابِ الكاتبِ، كما قال الشاعرُ في صفةِ (٦) طَلاقٍ كتَبه لامرأتِه (٧):

تُؤَمِّلُ رَجْعةً مني وفيها … كتابٌ مثلَ ما لصِق الغِراءُ

يُرِيدُ (٨) طلاقًا مكتوبًا، فجعَل المكتوبَ كتابًا.

وأما تأويلُ اسمِه الذي هو فُرْقانٌ، فإن تفسيرَ أهلِ التفسيرِ جاء في ذلك بألفاظٍ


(١) في ر: "للنبي".
(٢) في م: "يعني".
(٣) هو حسان بن ثابت، والبيت في ديوانه ص ٢١٦، وينظر حاشيته، وعزاه إليه في العقد الفريد ٣/ ٨١، ٤/ ١٥٩، ٢٨٤، ٢٩٨، واللسان (ع ن ن)، ونسب أيضًا لأوس بن مغراء. ينظر خزانة الأدب ٩/ ٤١٨.
(٤) الشمط: بياض شعر الرأس يخالط سواده. اللسان (ش م ط).
(٥) العنوان: الأثر، وكلما استدللت بشيء تظهره على غيره فهو له عنوان. اللسان (ع ن ن).
(٦) بعده في م: "كتاب".
(٧) البيت في التبيان ١/ ١٨.
(٨) بعده في ر، ت ١: "به".