للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بانَت وقد أسْأَرَت في النفسِ حاجتَها … بعدَ ائْتِلافٍ وخيرُ الوُدِّ ما نفَعا

وأما الآيةُ مِن آيِ (١) القرآنِ فإنها تَحْتَمِلُ وجهَيْن في كلامِ العربِ؛

أحدُهما: أن تكون سُمِّيت آيةً؛ لأنها علامةٌ يُعْرَفُ بها تمامُ ما قبلَها وابتداؤُها، كالآيةِ التي تكونُ دَلالةً على الشيءِ يُسْتَدَلُّ بها عليه، كقولِ الشاعرِ (٢):

ألِكْني إليها عَمْرَك اللهَ يا فَتَى … بآيةِ ما جاءَت إلينا تَهادَيا (٣)

يعني: بعلامةِ ذلك. ومنه قولُه جلّ ثناؤُه: ﴿رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ﴾ [المائدة: ١١٤]. [يعْني بذلك] (٤): علامةً منك لإجابتِك دُعاءَنا وإعْطائِك إيانا سُؤْلَنا.

والآخرُ منهما: القِصَّةُ، كما قال كعبُ بنُ زُهَيْرِ بنِ أبي سُلْمَى (٥):

ألا أبْلِغا (٦) هذا المُعَرِّضَ آيَةً (٧) … أيَقْظانَ قال القولَ إذ قال أم حَلَمْ

يعني بقولِه: آيةً: رسالةً مني وخبرًا عني. فيكونُ معنى الآياتِ القِصَصَ، قصةٌ تَتْلُو قصةً، بفُصولٍ ووُصولٍ.


(١) سقط من: م.
(٢) هو سحيم عبد بني الحسحاس، والبيت في ديوانه ص ١٩.
(٣) التهادي: المشي في تمايل وسكون. اللسان (هـ د ى).
(٤) في م: "أي".
(٥) ديوانه ص ٦٤.
(٦) في م: "بلغا".
(٧) في الديوان: "أنه". وورد على الصواب في طبقات فحول الشعراء ١/ ١٠٦. وقال الشيخ محمود شاكر: والآية بمعنى الرسالة لم تذكره كتب اللغة، ولكن شواهده لا تعد كثرة. ثم ساق الشواهد على ذلك من الشعر. وينظر تفسير الطبري بتحقيقه.