للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحابُ (١). وكان يَسْمَعُ منه ويُصَدِّقُه، فكان إلياسُ يُقِيمُ له أمرَه، وكان سائرُ بنى إسرائيلَ قد اتَّخَذُوا صنمًا يَعْبُدونَه مِن دونِ اللهِ، فجعَل إِلياسُ يَدْعُوهم إلى اللهِ، وجعَلوا لا يَسْمَعُون منه شيئًا، إلا ما كان مِن ذلك الملكِ، والملوكُ مُتَفَرِّقةٌ بالشامِ، كلُّ مَلِكٍ له ناحيةٌ منها يَأْكُلُها، فقال ذلك الملكُ الذي كان إلياسُ معه يُقَوِّمُ له أمرَه، ويَرَاه على هُدًى مِن بين أصحابهِ، يومًا: يا إلياسُ، واللهِ ما أَرَى مَا تَدْعُو إليه الناسَ إِلا باطلًا، واللهِ ما أرى فلانًا وفلانًا - يُعَدِّدُ مُلوكًا مِن ملوكِ بني إسرائيلَ قد عبَدوا الأوثانَ من دونِ اللهِ - إلَّا على مثلِ ما نحن عليه، يَأْكُلُون ويَشْرَبُون ويَتَنَعَّمُون، مُمَلَّكين (٢)، ما يَنْقُصُ مِن دنياهم [أمرُهم الذي تَزْعُمُ أنه باطلٌ] (٣)، وما نَرَى لنا عليهم مِن فضلٍ. فيَزْعُمون - واللهُ أعْلمُ - أن إلياسَ اسْتَرجع، وقام شعرُ رأسِه وجلدِه، ثم رفَضه وخرَج عنه، ففعَل ذلك الملكُ فِعْلَ أصحابِه، عبَد الأوثانَ، وصنَع ما يَصْنَعون. ثم خَلَف من بعده فيهم اليَسَعُ، فكان فيهم ما شاء اللهُ أَن يَكُونَ، ثَم قبَضه اللهُ إليه، وخلَفت فيهم الخُلوفُ، وعظُمت فيهم الخطايا، وعندَهم التابوتُ يَتَوارثونه كابرًا عن كابرٍ، فيه السَّكينةُ وبقيةٌ مما ترَك آلُ موسى وآلُ هارونَ، وكانوا لا يلقاهم عدوٌّ، فيُقَدِّمُون التابوتَ ويَزْحَفُون به معهم، إلا هزَم اللهُ ذلك العدوَّ. ثم خلَف فيهم ملِكٌ يُقالُ له: إيلاءُ (٤). وكان اللهُ قد بارَك لهم في جبَلِهم مِن إيلياءَ، لا يَدْخُلُه عليهم عدوٌّ، ولا يحتاجون معه إلى غيرِه، وكان أحدُهم فيما يَذْكُرُون يَجْمَعُ الترابَ على الصخرةِ، ثم يَنْبِذُ فيه الحبَّ، فيُخْرِجُ اللهُ له ما يَأْكُلُ سنتَه هو وعيالُه، ويَكُونُ لأحدِهم الزيتونةُ فيَعْتَصِرُ منها ما يَأْكُلُ هو وعيالُه سنتَه، فلما عظُمت


(١) في م: "أخاب"، وفى س: "أجاب".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: ملكين، وفى م: "مالكين". والمثبت من تاريخ المصنف.
(٣) سقط من النسخ، والمثبت من تاريخ المصنف.
(٤) في تاريخ المصنف: "إيلاف".