للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد أعطاكم ما سألتم، وبعَث لكم طالوتَ مَلِكًا. فلما قال لهم نبيُّهم شَمْوِيلُ ذلك، قالوا: أنَّى يكونُ لطالوتَ المُلْكُ علينا، وهو من سِبْط بنيامينَ بن يعقوبَ، وسِبْطُ بِنْيامينَ سِبْطٌ لا مُلْكَ فيهم ولا نُبوَّةَ، ونحن أحقُّ بالمُلْكِ منه؛ لأَنَّا من سِبْطِ يَهوذا بن يعقوبَ. ﴿وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ﴾ يعنى: ولم يؤتَ طالوتُ كثيرًا من المالِ؛ لأنه سَقَّاءٌ، وقيل: كان دبَّاغًا.

وكان سببَ تمليكِ اللهِ طالوتَ على بنى إسرائيلَ، وقولِهم ما قالوا لنبيِّهم شَمْوِيلَ: ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ﴾ ما حدَّثنا به ابن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا سلمةُ بنُ الفضلِ، قال: حدَّثني محمدُ بنُ إسحاق، قال: حدَّثني بعضُ أهلِ العلمِ، عن وهبِ بن مُنَبِّهٍ، قال: لما قال الملأُ من من بني إسرائيلَ لشَمْوِيلَ بن بالى ما قالوا له، سأل الله نبيُّهم شَمْوِيلُ أن يبعثَ لهم مَلِكًا، فقال اللهُ له: انظرِ القَرْنَ الذي فيه الدُّهْنُ في بيتِك، فإذا دخَل عليك رجلٌ، فَنَشَّ (١) الدُّهْنُ الذي في القَرْنِ، فهو مَلِكُ بني إسرائيلَ، فَادْهُنْ رأسَه منه، وملِّكْه عليهم، وأخبِرْه بالذي جاءه. فأقام يَنتظرُ متى ذلك الرجلُ داخِلًا عليه، وكان طالوتُ رجلًا دبَّاغًا يعمَلُ الأدَمَ، وكان من سِبْطِ بِنْيامينَ بن يعقوبَ، وكان سِبْطُ بِنْيامينَ سِبْطًا لم يكُنْ فيهم نُبَوَّةٌ ولا مُلْكٌ، فخرج طالوتُ في طلبِ دابةٍ له أضَلَّته، ومعه غلامٌ له، فمرَّا ببيتِ النبيِّ ، فقال غلامُ طالوتَ لطالوتَ: لو دخلتَ بنا على هذا النبيِّ، فسألناه عن أمرِ دابتِنا فيُرشِدَنا، ويدعوَ لنا فيها بخيرٍ؟ فقال طالوتُ: ما بما قلتَ من بأسٍ. فدخَلا عليه، فبينما هما عندَه يذكُران له شأنَ دابتِهما، ويسألانه أن يدعوَ لهما فيها، إذ نَشَّ الدُّهْنُ الذي في القَرْنِ، فقام إليه النبيُّ فأخَذه، ثم قال لطالوتَ: قرِّبْ رأسَك. فقرَّبه، فدهَنه منه، ثم قال: أنت ملكُ بنى إسرائيلَ الذي أمَرنى اللهُ أن أُمَلِّكَكَ عليهم. وكان اسمُ طالوتَ


(١) النش: صوت الماء وغيره إذا غلى. التاج (ن ش ش).