للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفَأرةُ الرجلَ، فيُصبِحُ مَيِّتًا قد أكَلَت (١) في جوفِه من دُبُرِه. قالوا: تعلَمون واللهِ، لقد أصابَكم بلاءٌ ما أصاب أُمَّةً من الأممِ قبلَكم (٢)، وما نعلَمُه أصابنا إلا مُذْ كان هذا التابوتُ بينَ أظْهُرِنا، مع أنكم قد رأيتُم أصنامَكم تُصْبِحُ كلَّ غداةٍ مُنَكَّسَةً، شيءٌ (٣) لم يكُنْ يُصنَعُ بها حتى كان هذا التابوتُ معها، فأخرِجُوه من بين أظْهُرِكم. فدَعَوا بعَجَلةٍ، فحمَلوا عليها التابوتَ، ثم علَّقُوها بثَوْرين، ثم ضَرَبوا على جُنوبِهما، وخرَجَت الملائكةُ بالثَّوْرَين تسوقُهما، فلم يَمُرَّ التابوتُ بشيءٍ من الأرضِ إلا كان قُدْسًا، فلم يَرُعْهم إلا التابوتُ على عجلةٍ يَجُرُّها الثَّوْرَان، حتى وقَف على بنى إسرائيلَ، فكبَّروا وحمِدوا الله، وجَدُّوا في حربِهم واسْتَوسَقوا (٤) على طالوتَ (٥).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، قال: قال ابن عباسٍ: لمَّا قال لهم نبيُّهم: إن الله اصْطَفَى طالوتَ عليكم، وزادَه بَسْطةً في العلمِ والجسمِ (٦). أبوا أن يُسَلِّموا له الرِّياسةَ، حتى قال لهم: ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ فقال لهم: أرأيتُم إن جاءَكم التابوتُ فيه سكينةٌ مِن ربِّكم وبقيَّةٌ مما ترك آل موسى وآلُ هارونَ تحمِلُه الملائكةُ؟ وكان موسى حينَ ألْقَى الألواحَ تَكسَّرَت ورُفِع منها، فنزَل فجمع ما بَقِى فجعَله في ذلك التابوتِ.

قال ابن جُرَيجٍ: أخبرَنى يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، عن سعيدِ بن جُبَيرٍ، عن ابن عباسٍ،


(١) بعده في م: "ما".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قبله".
(٣) في ت ٢، ت ٣، س: "على رءوسها".
(٤) في ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "استوثقوا". واستوسقوا: اجتمعوا. اللسان (و س ق).
(٥) ذكره البغوي في تفسيره ١/ ٣٠٠.
(٦) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الآية".